المواضيع الأخيرة
بحـث
سحابة الكلمات الدلالية
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
مدير المنتدى | ||||
أسير القافية | ||||
ونشريس | ||||
محب العلماء | ||||
هويدا | ||||
حمداوي عبد الرحمان بن قاس | ||||
شوقي نذير | ||||
الأصيل | ||||
تحيا الجزائر | ||||
عبدالله بن حامو |
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 18 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 18 زائر لا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 53 بتاريخ الأحد 14 أبريل 2019, 17:47
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1352 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو روفي فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 3419 مساهمة في هذا المنتدى في 1524 موضوع
العقل العربي والموروث المعرفي
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
العقل العربي والموروث المعرفي
العقل العربي والموروث المعرفي
الإنسان - في العصر الراهن – هو الإنسان الذي يمتلك في طياته الأفكار ، المعلومات المعرفية و الموروثات الثقافية ؛ لا الإنسان الذي يمتلك الموروث الديني والعقائدي . هو الإنسانية، كل ما تتضمن الكلمة من المعنى المادي و المعنوي.
اليوم، يُقيَّم الفرد بكمية المعرفة التي يبنيها في شخصه، لا بكمية المال أو طبقته الاجتماعية التي ينتمي إليها. ما الفائدة من إنسان مؤمن متدين لا يفقه شيئاً من ما يرتله ليل نهار من نصوص وأناشيد دينية. من إنسان يغلق أمام عقلة وفكره الباب المعرفي.
إنّ هذا الفرد المنغلق لا يبني في شخصه غير الحقد الناتج عن التخلف والجهل الثقافي المعرفي، كما يُقيِّم الآخرين من حوله بالكفر لا بالفكر ؛ هذا الضرب من البشر يكوِّن ضباباً اجتماعيا ، أي حاجزاً بينه وبين الآخرين ، على سبيل المثال ، المجتمعات العربية تعيش حالةً من الاضطراب الذهني نتيجة هذه الطريقة المتبعة في التفكير .
لقد توصل الغرب إلى الحداثة في الأفكار والتحديث بوسائل الاتصال و التواصل، – نحن العرب – ننعتهم بالكفر و الضغينة ، دون أن نطرح أمام أعيننا سؤال " كيف " :
- كيف توصل هؤلاء إلى هذه الإحداثيات ؟
- كيف بنوا مستقبلهم الذي يُسمى "العصر الحديث"؟
- كيف أنشأوا هذه المعارف الثقافية الضخمة ؟
كيف و كيف وكيف........؟!
صدقت العرب حين قالت :" أن الرجل -الإنسان- ثلاث ضروب : الأول هو الرجل، الرجل الذي يعلم ويعلم أنه يعلم ، الثاني هو الرجل، نصف الرجل الذي يعلم و لا يعلم أنه يعلم، أما الأخير فهو الرجل، لا الرجل الذي لا يعلم و لايعلم أنه لا يعلم ."
أما نحن فمن الضرب الثالث الذي تحدثت عنه العرب ، لأن الإنسان العربي يقبع في مستنقعات الجهل ولا يعلم ذلك ، بالأحرى يعلم بمسكنه ولا يريد تغييره . لذلك تستخدمنا أيدي الإستعمار الحديث –أي الإستعمار الثقافي الغربي- كأحجار الشطرنج تلغي منا من تشاء ، وتنصّب علينا من تشاء .
المثقفون العرب:
يعيش المثقفون العرب اليوم ، حالةً من الخمول ، هم ورثة الماضي، يتغنون بالأمجاد الغابرة، ويستخدمون أسلوب الرجاء "لو" دائماً . هذا الإسلوب المستخدم من قبلهم لا يقدم للإنسان العربي غير التأخر الذهني المعرفي الثقافي .
بينما مثقفو الغرب، أخذوا النظريات العربية التي نشأت في القرون الوسطى ودأبوا على تطويرها حتى توصلوا إلى العلوم الحديثة والمعاصرة التي ترتكز عليها أنظمتنا المعرفية والثقافية خاصةً، والعالم عامةً .
يجب طرح –بالخط العريض- سؤالاً أمام هؤلاء الذين يدّعون الثقافة ، أين نحن من هذه النظريات المحدثة ؟!
الجواب : نائمون
بالطبع، نائمون عن هذه التطورات والتصورات الحديثة ، لأننا نأخذها وناتبعها ، لكن نجعلها مخبأةً في توليفاتنا الدماغية أو بين دفتي دفاتر ذكرياتنا .
الصحيح ، أن نأخذ هذه النظريات ونجددها ونطورها بما يناسب بيئتنا ولغتنا وأدبنا، ليكون لدينا شخصيتنا التي تدل علينا –نحن العرب- حيث لكل أمةٍ هويتها التي تعتز بها ، من الخطأ الفكري أن نأخذ تجربة غربية ( فرنسية ، بريطانية ...) ونطبقها على مجتمعاتنا وفكرنا وثقافتنا مباشرة ، لأن لكل أمةٍ ثقافتها الخاصة والثقافة اليوم هي الهوية الحقيقية للإنسان .
هنا يكمن دور المثقف العربي في أخذ هذه النظريات –دون أن يتبناها- ويعمل على بلورتها بما يوافق ثقافتنا العربية، كما لا ينتهي دوره، من ثمّ يطرحها على القارئ العربي بزيّها الجديد .
القارئ العربي:
كذلك الأمر ، نواجه مشكلة كبيرة مع العقل العربي أي القارئ ، حيث توجد هوة واسعة، وعلاقة جافة بين الإنسان العربي والكتاب؛ في المقابل نجد المواطن الغربي يقطع الأميال والكتاب في يده، لعلمهم أن الوقت من ذهب ، فلا يتركون لحظةً واحدةً دون الإفادة منها ، كأنهم سمعوا قول الإمام علي بن أبي طالب (ك) :"خير جليس في الأنام كتاب".
للأسف ، نحن أبناء قوم محمد (صلعم) لا نريد أن نقرأ، والله عزّ وجل أول كلمة أنزلها على عبده كانت "اقرأ".هذه المشكلة تتفاقم بشكل سريع ، لأن المرء العربي يُعلّم التكفير لا التفكير ، وينصح بدراسة قشور الدين دون دراسة جوهر الدين .
في هذا السياق ، يظهر لنا أننا أمة "اقرأ" بالكلمة لا بالفعل ، فعلينا تحفيز أولادنا على القراءة والمطالعة لنرتقي بمجتمعنا العربي. لكل مشكلة أسبابها ،وأسباب مشكلة القارئ العربي جمة تتضح في سببين مباشرين :
أولاً : غياب الفكر التربوي وظهور الفكر الأصولي الداعي إلى قطيعة ما هو جديد والرجوع إلى ما هو قديم من المنحى الديني. أي أن نرجع إلى ما قبل التاريخ ، يضرب الإنسان حجرين ليشعل ناراً ، وقراءة الماضي مع نسيان الحاضر والمستقبل الذي ينتظرنا، أو المستقبل الذي لن يأتِ مع هذه الفئة .
ثانياً : المدارس التربوية التي تعلم أبنائنا ، ندخلهم في أعلى المدارس تعليماً وتربيةً أي الإرساليات ، وهذه الأخيرة تعلم فلذة أكبادنا اللغات الأم بالنسبة إليها (الفرنسية ، الانكليزية ، الايطالية ) وتبتعد كلّ البعد عن اللغة الأم للطفل العربي ألا وهي العربية. فينشأ الطفل لا يفقه شيئاً من لغته سوى اسمه وعندها يشعر –بالتأكيد- بالهوة بينه وبين الكتاب العربي .
قال الشاعر عمر أبو ريشة :
" لا يلام الذئب في عدوانه إن يكُ الراعي عدو الغنم"
فالإنسان العربي هو الراعي العدو بعينه ولا يلام الغرب في غطرسته وهيمنته واستعماره عبر أخطبوطه الثقافي والمعرفي .
إذ أردنا أن نعيد حساباتنا ، وقررنا النهوض ، وإزالة الغبار عن مجتمعاتنا يجب أن ندرك مكامن الخطأ و الصواب لمعالجتها، أياً كانت كلفتها المادية و المعنوية، كما صدقت العرب حين قالت :"الإعتراف بالذنب فضيلة" فالإعتراف هي نقطة الإنطلاق نحو السمو بالمجتمع والأبناء .
الإنسان - في العصر الراهن – هو الإنسان الذي يمتلك في طياته الأفكار ، المعلومات المعرفية و الموروثات الثقافية ؛ لا الإنسان الذي يمتلك الموروث الديني والعقائدي . هو الإنسانية، كل ما تتضمن الكلمة من المعنى المادي و المعنوي.
اليوم، يُقيَّم الفرد بكمية المعرفة التي يبنيها في شخصه، لا بكمية المال أو طبقته الاجتماعية التي ينتمي إليها. ما الفائدة من إنسان مؤمن متدين لا يفقه شيئاً من ما يرتله ليل نهار من نصوص وأناشيد دينية. من إنسان يغلق أمام عقلة وفكره الباب المعرفي.
إنّ هذا الفرد المنغلق لا يبني في شخصه غير الحقد الناتج عن التخلف والجهل الثقافي المعرفي، كما يُقيِّم الآخرين من حوله بالكفر لا بالفكر ؛ هذا الضرب من البشر يكوِّن ضباباً اجتماعيا ، أي حاجزاً بينه وبين الآخرين ، على سبيل المثال ، المجتمعات العربية تعيش حالةً من الاضطراب الذهني نتيجة هذه الطريقة المتبعة في التفكير .
لقد توصل الغرب إلى الحداثة في الأفكار والتحديث بوسائل الاتصال و التواصل، – نحن العرب – ننعتهم بالكفر و الضغينة ، دون أن نطرح أمام أعيننا سؤال " كيف " :
- كيف توصل هؤلاء إلى هذه الإحداثيات ؟
- كيف بنوا مستقبلهم الذي يُسمى "العصر الحديث"؟
- كيف أنشأوا هذه المعارف الثقافية الضخمة ؟
كيف و كيف وكيف........؟!
صدقت العرب حين قالت :" أن الرجل -الإنسان- ثلاث ضروب : الأول هو الرجل، الرجل الذي يعلم ويعلم أنه يعلم ، الثاني هو الرجل، نصف الرجل الذي يعلم و لا يعلم أنه يعلم، أما الأخير فهو الرجل، لا الرجل الذي لا يعلم و لايعلم أنه لا يعلم ."
أما نحن فمن الضرب الثالث الذي تحدثت عنه العرب ، لأن الإنسان العربي يقبع في مستنقعات الجهل ولا يعلم ذلك ، بالأحرى يعلم بمسكنه ولا يريد تغييره . لذلك تستخدمنا أيدي الإستعمار الحديث –أي الإستعمار الثقافي الغربي- كأحجار الشطرنج تلغي منا من تشاء ، وتنصّب علينا من تشاء .
المثقفون العرب:
يعيش المثقفون العرب اليوم ، حالةً من الخمول ، هم ورثة الماضي، يتغنون بالأمجاد الغابرة، ويستخدمون أسلوب الرجاء "لو" دائماً . هذا الإسلوب المستخدم من قبلهم لا يقدم للإنسان العربي غير التأخر الذهني المعرفي الثقافي .
بينما مثقفو الغرب، أخذوا النظريات العربية التي نشأت في القرون الوسطى ودأبوا على تطويرها حتى توصلوا إلى العلوم الحديثة والمعاصرة التي ترتكز عليها أنظمتنا المعرفية والثقافية خاصةً، والعالم عامةً .
يجب طرح –بالخط العريض- سؤالاً أمام هؤلاء الذين يدّعون الثقافة ، أين نحن من هذه النظريات المحدثة ؟!
الجواب : نائمون
بالطبع، نائمون عن هذه التطورات والتصورات الحديثة ، لأننا نأخذها وناتبعها ، لكن نجعلها مخبأةً في توليفاتنا الدماغية أو بين دفتي دفاتر ذكرياتنا .
الصحيح ، أن نأخذ هذه النظريات ونجددها ونطورها بما يناسب بيئتنا ولغتنا وأدبنا، ليكون لدينا شخصيتنا التي تدل علينا –نحن العرب- حيث لكل أمةٍ هويتها التي تعتز بها ، من الخطأ الفكري أن نأخذ تجربة غربية ( فرنسية ، بريطانية ...) ونطبقها على مجتمعاتنا وفكرنا وثقافتنا مباشرة ، لأن لكل أمةٍ ثقافتها الخاصة والثقافة اليوم هي الهوية الحقيقية للإنسان .
هنا يكمن دور المثقف العربي في أخذ هذه النظريات –دون أن يتبناها- ويعمل على بلورتها بما يوافق ثقافتنا العربية، كما لا ينتهي دوره، من ثمّ يطرحها على القارئ العربي بزيّها الجديد .
القارئ العربي:
كذلك الأمر ، نواجه مشكلة كبيرة مع العقل العربي أي القارئ ، حيث توجد هوة واسعة، وعلاقة جافة بين الإنسان العربي والكتاب؛ في المقابل نجد المواطن الغربي يقطع الأميال والكتاب في يده، لعلمهم أن الوقت من ذهب ، فلا يتركون لحظةً واحدةً دون الإفادة منها ، كأنهم سمعوا قول الإمام علي بن أبي طالب (ك) :"خير جليس في الأنام كتاب".
للأسف ، نحن أبناء قوم محمد (صلعم) لا نريد أن نقرأ، والله عزّ وجل أول كلمة أنزلها على عبده كانت "اقرأ".هذه المشكلة تتفاقم بشكل سريع ، لأن المرء العربي يُعلّم التكفير لا التفكير ، وينصح بدراسة قشور الدين دون دراسة جوهر الدين .
في هذا السياق ، يظهر لنا أننا أمة "اقرأ" بالكلمة لا بالفعل ، فعلينا تحفيز أولادنا على القراءة والمطالعة لنرتقي بمجتمعنا العربي. لكل مشكلة أسبابها ،وأسباب مشكلة القارئ العربي جمة تتضح في سببين مباشرين :
أولاً : غياب الفكر التربوي وظهور الفكر الأصولي الداعي إلى قطيعة ما هو جديد والرجوع إلى ما هو قديم من المنحى الديني. أي أن نرجع إلى ما قبل التاريخ ، يضرب الإنسان حجرين ليشعل ناراً ، وقراءة الماضي مع نسيان الحاضر والمستقبل الذي ينتظرنا، أو المستقبل الذي لن يأتِ مع هذه الفئة .
ثانياً : المدارس التربوية التي تعلم أبنائنا ، ندخلهم في أعلى المدارس تعليماً وتربيةً أي الإرساليات ، وهذه الأخيرة تعلم فلذة أكبادنا اللغات الأم بالنسبة إليها (الفرنسية ، الانكليزية ، الايطالية ) وتبتعد كلّ البعد عن اللغة الأم للطفل العربي ألا وهي العربية. فينشأ الطفل لا يفقه شيئاً من لغته سوى اسمه وعندها يشعر –بالتأكيد- بالهوة بينه وبين الكتاب العربي .
قال الشاعر عمر أبو ريشة :
" لا يلام الذئب في عدوانه إن يكُ الراعي عدو الغنم"
فالإنسان العربي هو الراعي العدو بعينه ولا يلام الغرب في غطرسته وهيمنته واستعماره عبر أخطبوطه الثقافي والمعرفي .
إذ أردنا أن نعيد حساباتنا ، وقررنا النهوض ، وإزالة الغبار عن مجتمعاتنا يجب أن ندرك مكامن الخطأ و الصواب لمعالجتها، أياً كانت كلفتها المادية و المعنوية، كما صدقت العرب حين قالت :"الإعتراف بالذنب فضيلة" فالإعتراف هي نقطة الإنطلاق نحو السمو بالمجتمع والأبناء .
علاء درغام- عدد المساهمات : 1
نقاط : 5294
تاريخ التسجيل : 29/05/2010
رد: العقل العربي والموروث المعرفي
فكرة مقبولة إلى حد بعيد يا أخانا درغام ، وتحليلك للوضع جدا مطابق لواقعنا الثقافي و الفكري .
أعتقد أن كتابات كثيرة في هذا الاتجاه حاولت أن تشق لنفسها طريقا إلى تنوير العقل العربي .. لكن لنعترف أن ثمة عقبة إن لم نقل عقبات تحول دون تحقيق المبتغى
..
أعتقد أن كتابات كثيرة في هذا الاتجاه حاولت أن تشق لنفسها طريقا إلى تنوير العقل العربي .. لكن لنعترف أن ثمة عقبة إن لم نقل عقبات تحول دون تحقيق المبتغى
..
رد: العقل العربي والموروث المعرفي
د العقل العربي للدكتور محمد عابد الجابري
في الأيام الماضية كنت منهمكا بقراءة موسوعة الدكتور محمد عابد الجابري المسماة نقد العقل العربي والتي ظهرت أول طبعة من جزأها الأول " تكوين العقل العربي " في عام 1984م وظهر آخر جزء منها العقل الأخلاقي العربي في عام 2001م.
الموسوعة تتكون من أربعة كتب : تكوين العقل العربي في 351 صفحة، بنية العقل العربي في 573 صفحة، العقل السياسي العربي في 374 صفحة، العقل الأخلاقي العربي في 630 صفحة. ليصل مجموع صفحاتها مع الفهارس إلى 2000 صفحة تقريبا. كنت أقرأ بمعدل 100 صفحة يوميا تقريبا، قد أزيد بعض الأيام وقد أنقص.
أذكر هذه المعلومات لأجد نفسي عذرا من تلخيص هذه الموسوعة في مقالة واحدة، ولكن سأحاول أن أعطي إضاءة حول كل جزء.
الجزء الأول: تكوين العقل العربي، يشرح الجابري في هذا الكتاب ماهية العقل الذي سوف يتحدث عنه، ويلخص قوله بأنه هو القواعد الفكرية التي تحدد طريقة تفكير لكل شخص ينتمي إلى الثقافة العربية، إذن ليس هو التفكير نفسه ولكنه طرق التفكير وأسسه.
ولتتبع تطور هذه الأسس والقواعد فإنه يحدد عصر التدوين كبداية للثقافة العربية المكتوبة وأيضا كنهاية لأن الفكر العربي لم يتطور منذ تلك الفترة حتى الآن.
وحتى يسهل تتبع أسس التفكير فإنه يقسم الثقافة العربية إلى ثلاثة أنواع : ثقافة بيانية وهي تهتم باللغة العربية والفقة وأصول الفقه وعلم الكلام، ومحور الإشكالية التي يحاول هذه النوع من الثقافة هو العلاقة بين اللفظ والمعنى. وتبرز هذه الإشكالية من أين نبدأ؟ ففي العلوم العربية و تفسير القرآن والحديث وأصول الفقه وعلم الكلام عادة تبدأ من اللفظ لتحدد المعنى وليس العكس، وهنا مكمن الضعف أساس هذه الثقافة فهي تقدم الألفاظ عن المعاني والعكس هو الصحيح.
الثقافة الثانية هي ثقافة العرفان وتدعي هذه الثقافة أن المعرفة تأتي بالكشف والإلهام وهي تنتمي في أصلها إلى الموروث الهلنستي والغنوصي المنتشر قبل الإسلام والذي انتقل إلى الإسلام عن طريق الفلاسفة العرب أصحاب نظريات الفيض والعقول العشرة ومن ثم عن طريق المتصوفة. هذه الثقافة لا تقيم للألفاظ والمعاني والعقل قيمة في اكتساب المعرفة بل المعرفة الحقة هي المعرفة التي تأتي عن طريق الكشف والعرفان وذلك بمجاهدة النفس والزهد والتقشف حتى تنكشف الحقائق وتقذف إل القلب مباشرة.
الثقافة الثالثة هي ثقافة البرهان وهذه الثقافة تعتمد على العقل بشكل أساسي لتحصيل المعرفة الصحيحة وهي نتيجة عن الموروث الإغريقي وخصوصا مؤلفات أفلاطون وأرسطو. هذه الثقافة دخلت إلى الثقافة العربية عن طريق الترجمة وقد أستخدمها أصحاب الثقافة البيانية والعرفانية في نهاية المطاف لتعزيز حججهم بالمنطق والعقل ولإضافة شرعية لهما، للأسف اكتسحت هذه الثقافة من قبل منافسيها وأصبحت أداة وآلة فقط لإثبات حجج الغير.
نكون بذلك قد أنهينا الجزء الأول من موسوعة نقد العقل العربي، يأتي الكتاب الثاني بنية العقل العربي كدراسة تحليله نقدية لنظام المعرفة في الثقافة العربية، يشرح مما تتكون كل ثقافة وماهي إشكاليتها ومآزقها، مستشهدا في كل ذلك بالنصوص كثيرة من أمهات كل ثقافة، مما يفتح لك بابا واسعا لمعرفة الثقافة العربية والإطلاع على أمهات الكتب فيها.
ننتقل سريعا إلى الجزء الثالث وهو عن العقل السياسي العربي وهو يتكلم عن نظم وأسس التفكير السياسي العربي عبر تاريخه، وقد أرجع كل الأسس إلى ثلاثة أسس في البداية: القبيلة والغنيمة والعقيدة.
القبيلة مما لا شك فيه هي أساس كل تفكير سياسي قبل الإسلام وعصر الخلفاء الراشدين والدولة الأموية، تأتي بعد ذلك الغنيمة وهي الأموال التي يحصل على الفاتحين العرب من الجهاد في سبيل الله وهذا الأساس لعب دورا كبيرا في عصر الخلفاء الراشدين وبداية الدولة الأموية، لأن العرب لم يكن لهم مصدرا ماليا غير الغنيمة من الفتوحات. والمعنى المعاصر لهذا الأساس هو المال.
يأتي بعد ذلك الأساس الثالث هو العقيدة والمعني به هنا هو العقيدة الإسلامية والإسلام نفسه، وهو أساس متين في الفكر السياسي عبر العصور الإسلامية. كل هذه الأسس كان واضحة وبدرجة كبيرة قبل سيطرة دولة بني أمية على دولة الإسلام أما بعدها فظهرت أسس جديدة في الفكر السياسي العربي وهي ميثولوجيا الإمامة والأخلاق السلطانية.
أما ميثولوجيا الإمامة فهي نظرية الإمامة عند الشيعة وارتباطها بالوصية والإمام وعصمة الإمام عن الخطأ وعودة الإمام الغائب وربط كل ذلك بأساطير وقصص خرافية حول الإمام حتى يعطو الأمل عند الضعفاء حتى عودة الإمام المنتظر، وبلا شك فإن هذه هي ثقافة الضعفاء والعاجزين في كل زمان.
أما الأخلاق السلطانية في أساس جديد في الفكر السياسي العربي جاء من الموروث الفارسي حول وجوب الطاعة والانقياد إلى السلطان والذي يشابه الإله في الأرض، بدأ هذا الأساس من عند ابن المقفع في كتابة الأدب الصغير والأدب الكبير و رسالة الصحابة، وليصبح بعد ذلك من أساس أي كتاب في الأدب العربي أن يفتتح حول وجوب وجود سلطان في الأرض حتى يتم به العدل ووجوب الخضوع له كعبيد.
أما الجزء الأخير العقل الأخلاقي العربي فهو دراسة فريدة من نوعها حول تاريخ الأخلاق وبنيتها وأسسها في الفكر العربي، يقسم الدكتور الجابري أسس وبنى الأخلاق في الثقافة العربية إلى خمسة أقسام: الموروث الفارسي المتمثل في أخلاق الطاعة والخنوع، الموروث اليوناني المتمثل في أخلاق السعادة، الموروث الصوفي المتمثل في أخلاق الفناء وفناء الأخلاق، الموروث العربي الخالص المتمثل في أخلاق المروءة، وأخيرا الموروث الإسلامي المتمثل في المصلحة.
قد يكون أخطر موروث على العقل الأخلاق العربي هو الموروث الفارسي أخلاق الطاعة والانقياد إلى السلطان ولو كان غاشما ظالما جبارا، لقد تغلغل هذا الفكر في بنية العقل العربي بدرجة خطيرة جدا حتى صارت أخلاق الطاعة تجد مستندها من القرآن الكريم والأحاديث النبوية و كتب الأدب العربي.
وأكبر شاهد على ذلك كتاب كليلة ودمنة لابن المقفع الفارسي لقد اشتهر هذا الكتاب بدرجة كبيرة في الماضي والحاضر وهو ممثل كبير عن أخلاق طاعة السلطان، يأتي بعد ذلك كتاب ابن قتيبة وكتاب ابن عبد ربه العقد الفريد وكتاب المستطرف من كل فن مستظرف حيث جعلت أخلاق طاعة السلطان بل أسست أخلاق السلطان ووجوده حيث جعلت قسم طاعة السلطان في فاتحة كل كتاب.
يأتي بعدها أخلاق الصوفية والمتمثل في أخلاق الفناء والوحدة منتهية إلى فناء الأخلاق وارتفاعها عن القطب والغوث والمريد! أما الموروث اليوناني والمتمثل في أخلاق السعادة فإنه لم يدخل الثقافة العربية إلى كالدواء للأخلاق الرديئة ولم تنتشر فكرة اليونان حول سعادة الفرد الأساسية والتي تبنى عليها سعادة المدينة لإن أخلاق الطاعة والسلطان فرضت نفسها على مدينة أفلاطون الفاضلة ولم تجعل لأخلاق السعادة أي مجال.
أما الموروث العربي الخالص فهو يتمثل في أخلاق المروءة والمروءة اسم جامع للعديد من الأخلاق النبيلة مثل الجود والكرم و الشجاعة والشهامة والترفع بالنفس، ظلت أخلاق المروءة محتفظة برونقها منذ الجاهلية إلى القرن العشرين لأنه ببساطة أخلاق تشترك فيها كل الأمم وليس لأمة أي ميزة عن غيرها.
أخيرا يبحث الجابري حول الأخلاق الإسلامية ومحاولة أسلمة الأخلاق الفارسية واليونانية، ويوضح أن المحاسبي صاحب كتاب " الرعاية لحقوق الله " هو أول مؤلف عربي لاستخلاص أخلاق إسلامية من القرآن الكريم مباشرة ولكنه للأسف اهتم فقط في مجال أخلاق الدين والآخرة ولم يهتم بأخلاق الدنيا ، حاول المارودي الجمع بين أدب الدين والدنيا ولكنه لم يفلح كثيرا، كذلك حاول الراغب الإصفهاني في استخلاص أخلاق إسلامية في كتابة مكارم الشريعة ولكنه لم يستطع غير أسلمة الأخلاق اليونانية.
غير أن محاولة العز ابن عبدالسلام في كتابيه: قواعد الأحكام في مصالح الأنام و شجرة المعارف والأحوال وصالح الأقوال والأعمال تبدو أقرب منهجية إلى تأسيس أخلاق إسلامية للدين والدنيا مستلهمة من القرآن الكريم والحديث الشريف واضعة القيمة المركزية هي مراعاة المصلحة والعمل الصالح هي أساس الأخلاق الإسلامية.
إلى هنا نكون قد أنهينا موسوعة نقد العقل العربي كما أراده الدكتور محمد عابد الجابري، وهي موسوعة قيمة أنصح الجميع بقراءتها لأنها تكشف بحق أسرار الثقافة العربية الإسلامية وأصولها. لقد تغيرت نظرتي إلى الكثير من الأشياء في الكتب التراثية وبدأت أفهمها بعد أن كنت أستغرب من عدم فهمي لها أو بالأحرى لماذا هم يتناقشون في مسائل نحن نراها في عصرنا الحاضر الآن من البدهيات.
لقد تعرفت على العديد من الكتب الإسلامية والعربية وعرفت أهميتها من خلال موسوعة الجابري لنقد العقل العربي، وإني متشوق لقراءة بعضها الآن.
في الأيام الماضية كنت منهمكا بقراءة موسوعة الدكتور محمد عابد الجابري المسماة نقد العقل العربي والتي ظهرت أول طبعة من جزأها الأول " تكوين العقل العربي " في عام 1984م وظهر آخر جزء منها العقل الأخلاقي العربي في عام 2001م.
الموسوعة تتكون من أربعة كتب : تكوين العقل العربي في 351 صفحة، بنية العقل العربي في 573 صفحة، العقل السياسي العربي في 374 صفحة، العقل الأخلاقي العربي في 630 صفحة. ليصل مجموع صفحاتها مع الفهارس إلى 2000 صفحة تقريبا. كنت أقرأ بمعدل 100 صفحة يوميا تقريبا، قد أزيد بعض الأيام وقد أنقص.
أذكر هذه المعلومات لأجد نفسي عذرا من تلخيص هذه الموسوعة في مقالة واحدة، ولكن سأحاول أن أعطي إضاءة حول كل جزء.
الجزء الأول: تكوين العقل العربي، يشرح الجابري في هذا الكتاب ماهية العقل الذي سوف يتحدث عنه، ويلخص قوله بأنه هو القواعد الفكرية التي تحدد طريقة تفكير لكل شخص ينتمي إلى الثقافة العربية، إذن ليس هو التفكير نفسه ولكنه طرق التفكير وأسسه.
ولتتبع تطور هذه الأسس والقواعد فإنه يحدد عصر التدوين كبداية للثقافة العربية المكتوبة وأيضا كنهاية لأن الفكر العربي لم يتطور منذ تلك الفترة حتى الآن.
وحتى يسهل تتبع أسس التفكير فإنه يقسم الثقافة العربية إلى ثلاثة أنواع : ثقافة بيانية وهي تهتم باللغة العربية والفقة وأصول الفقه وعلم الكلام، ومحور الإشكالية التي يحاول هذه النوع من الثقافة هو العلاقة بين اللفظ والمعنى. وتبرز هذه الإشكالية من أين نبدأ؟ ففي العلوم العربية و تفسير القرآن والحديث وأصول الفقه وعلم الكلام عادة تبدأ من اللفظ لتحدد المعنى وليس العكس، وهنا مكمن الضعف أساس هذه الثقافة فهي تقدم الألفاظ عن المعاني والعكس هو الصحيح.
الثقافة الثانية هي ثقافة العرفان وتدعي هذه الثقافة أن المعرفة تأتي بالكشف والإلهام وهي تنتمي في أصلها إلى الموروث الهلنستي والغنوصي المنتشر قبل الإسلام والذي انتقل إلى الإسلام عن طريق الفلاسفة العرب أصحاب نظريات الفيض والعقول العشرة ومن ثم عن طريق المتصوفة. هذه الثقافة لا تقيم للألفاظ والمعاني والعقل قيمة في اكتساب المعرفة بل المعرفة الحقة هي المعرفة التي تأتي عن طريق الكشف والعرفان وذلك بمجاهدة النفس والزهد والتقشف حتى تنكشف الحقائق وتقذف إل القلب مباشرة.
الثقافة الثالثة هي ثقافة البرهان وهذه الثقافة تعتمد على العقل بشكل أساسي لتحصيل المعرفة الصحيحة وهي نتيجة عن الموروث الإغريقي وخصوصا مؤلفات أفلاطون وأرسطو. هذه الثقافة دخلت إلى الثقافة العربية عن طريق الترجمة وقد أستخدمها أصحاب الثقافة البيانية والعرفانية في نهاية المطاف لتعزيز حججهم بالمنطق والعقل ولإضافة شرعية لهما، للأسف اكتسحت هذه الثقافة من قبل منافسيها وأصبحت أداة وآلة فقط لإثبات حجج الغير.
نكون بذلك قد أنهينا الجزء الأول من موسوعة نقد العقل العربي، يأتي الكتاب الثاني بنية العقل العربي كدراسة تحليله نقدية لنظام المعرفة في الثقافة العربية، يشرح مما تتكون كل ثقافة وماهي إشكاليتها ومآزقها، مستشهدا في كل ذلك بالنصوص كثيرة من أمهات كل ثقافة، مما يفتح لك بابا واسعا لمعرفة الثقافة العربية والإطلاع على أمهات الكتب فيها.
ننتقل سريعا إلى الجزء الثالث وهو عن العقل السياسي العربي وهو يتكلم عن نظم وأسس التفكير السياسي العربي عبر تاريخه، وقد أرجع كل الأسس إلى ثلاثة أسس في البداية: القبيلة والغنيمة والعقيدة.
القبيلة مما لا شك فيه هي أساس كل تفكير سياسي قبل الإسلام وعصر الخلفاء الراشدين والدولة الأموية، تأتي بعد ذلك الغنيمة وهي الأموال التي يحصل على الفاتحين العرب من الجهاد في سبيل الله وهذا الأساس لعب دورا كبيرا في عصر الخلفاء الراشدين وبداية الدولة الأموية، لأن العرب لم يكن لهم مصدرا ماليا غير الغنيمة من الفتوحات. والمعنى المعاصر لهذا الأساس هو المال.
يأتي بعد ذلك الأساس الثالث هو العقيدة والمعني به هنا هو العقيدة الإسلامية والإسلام نفسه، وهو أساس متين في الفكر السياسي عبر العصور الإسلامية. كل هذه الأسس كان واضحة وبدرجة كبيرة قبل سيطرة دولة بني أمية على دولة الإسلام أما بعدها فظهرت أسس جديدة في الفكر السياسي العربي وهي ميثولوجيا الإمامة والأخلاق السلطانية.
أما ميثولوجيا الإمامة فهي نظرية الإمامة عند الشيعة وارتباطها بالوصية والإمام وعصمة الإمام عن الخطأ وعودة الإمام الغائب وربط كل ذلك بأساطير وقصص خرافية حول الإمام حتى يعطو الأمل عند الضعفاء حتى عودة الإمام المنتظر، وبلا شك فإن هذه هي ثقافة الضعفاء والعاجزين في كل زمان.
أما الأخلاق السلطانية في أساس جديد في الفكر السياسي العربي جاء من الموروث الفارسي حول وجوب الطاعة والانقياد إلى السلطان والذي يشابه الإله في الأرض، بدأ هذا الأساس من عند ابن المقفع في كتابة الأدب الصغير والأدب الكبير و رسالة الصحابة، وليصبح بعد ذلك من أساس أي كتاب في الأدب العربي أن يفتتح حول وجوب وجود سلطان في الأرض حتى يتم به العدل ووجوب الخضوع له كعبيد.
أما الجزء الأخير العقل الأخلاقي العربي فهو دراسة فريدة من نوعها حول تاريخ الأخلاق وبنيتها وأسسها في الفكر العربي، يقسم الدكتور الجابري أسس وبنى الأخلاق في الثقافة العربية إلى خمسة أقسام: الموروث الفارسي المتمثل في أخلاق الطاعة والخنوع، الموروث اليوناني المتمثل في أخلاق السعادة، الموروث الصوفي المتمثل في أخلاق الفناء وفناء الأخلاق، الموروث العربي الخالص المتمثل في أخلاق المروءة، وأخيرا الموروث الإسلامي المتمثل في المصلحة.
قد يكون أخطر موروث على العقل الأخلاق العربي هو الموروث الفارسي أخلاق الطاعة والانقياد إلى السلطان ولو كان غاشما ظالما جبارا، لقد تغلغل هذا الفكر في بنية العقل العربي بدرجة خطيرة جدا حتى صارت أخلاق الطاعة تجد مستندها من القرآن الكريم والأحاديث النبوية و كتب الأدب العربي.
وأكبر شاهد على ذلك كتاب كليلة ودمنة لابن المقفع الفارسي لقد اشتهر هذا الكتاب بدرجة كبيرة في الماضي والحاضر وهو ممثل كبير عن أخلاق طاعة السلطان، يأتي بعد ذلك كتاب ابن قتيبة وكتاب ابن عبد ربه العقد الفريد وكتاب المستطرف من كل فن مستظرف حيث جعلت أخلاق طاعة السلطان بل أسست أخلاق السلطان ووجوده حيث جعلت قسم طاعة السلطان في فاتحة كل كتاب.
يأتي بعدها أخلاق الصوفية والمتمثل في أخلاق الفناء والوحدة منتهية إلى فناء الأخلاق وارتفاعها عن القطب والغوث والمريد! أما الموروث اليوناني والمتمثل في أخلاق السعادة فإنه لم يدخل الثقافة العربية إلى كالدواء للأخلاق الرديئة ولم تنتشر فكرة اليونان حول سعادة الفرد الأساسية والتي تبنى عليها سعادة المدينة لإن أخلاق الطاعة والسلطان فرضت نفسها على مدينة أفلاطون الفاضلة ولم تجعل لأخلاق السعادة أي مجال.
أما الموروث العربي الخالص فهو يتمثل في أخلاق المروءة والمروءة اسم جامع للعديد من الأخلاق النبيلة مثل الجود والكرم و الشجاعة والشهامة والترفع بالنفس، ظلت أخلاق المروءة محتفظة برونقها منذ الجاهلية إلى القرن العشرين لأنه ببساطة أخلاق تشترك فيها كل الأمم وليس لأمة أي ميزة عن غيرها.
أخيرا يبحث الجابري حول الأخلاق الإسلامية ومحاولة أسلمة الأخلاق الفارسية واليونانية، ويوضح أن المحاسبي صاحب كتاب " الرعاية لحقوق الله " هو أول مؤلف عربي لاستخلاص أخلاق إسلامية من القرآن الكريم مباشرة ولكنه للأسف اهتم فقط في مجال أخلاق الدين والآخرة ولم يهتم بأخلاق الدنيا ، حاول المارودي الجمع بين أدب الدين والدنيا ولكنه لم يفلح كثيرا، كذلك حاول الراغب الإصفهاني في استخلاص أخلاق إسلامية في كتابة مكارم الشريعة ولكنه لم يستطع غير أسلمة الأخلاق اليونانية.
غير أن محاولة العز ابن عبدالسلام في كتابيه: قواعد الأحكام في مصالح الأنام و شجرة المعارف والأحوال وصالح الأقوال والأعمال تبدو أقرب منهجية إلى تأسيس أخلاق إسلامية للدين والدنيا مستلهمة من القرآن الكريم والحديث الشريف واضعة القيمة المركزية هي مراعاة المصلحة والعمل الصالح هي أساس الأخلاق الإسلامية.
إلى هنا نكون قد أنهينا موسوعة نقد العقل العربي كما أراده الدكتور محمد عابد الجابري، وهي موسوعة قيمة أنصح الجميع بقراءتها لأنها تكشف بحق أسرار الثقافة العربية الإسلامية وأصولها. لقد تغيرت نظرتي إلى الكثير من الأشياء في الكتب التراثية وبدأت أفهمها بعد أن كنت أستغرب من عدم فهمي لها أو بالأحرى لماذا هم يتناقشون في مسائل نحن نراها في عصرنا الحاضر الآن من البدهيات.
لقد تعرفت على العديد من الكتب الإسلامية والعربية وعرفت أهميتها من خلال موسوعة الجابري لنقد العقل العربي، وإني متشوق لقراءة بعضها الآن.
نور اليقين- عضو نشط
- عدد المساهمات : 70
نقاط : 5444
تاريخ التسجيل : 04/05/2010
الموقع : ما نفع القلب شيء مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة
ألم وحزن على ما آل إليه الإنسان العربي المسلم
ألم وحزن على ما آل إليه الانسان العربي المسلم
إن أشد ما يؤلمني هو التفكير في أمتي وسبل نهضتها ، ما يؤرقني هو التفكير في كيفية ردم الهوة بين مجتمعاتنا العربية الاسلامية والمجتمعات الغربية المتقدمة ، ما يقض مضجعي هو محاولة التأمل في وضعية المثقف العربي المسلم ،
لكن هذه التساؤلات جعلتني أقف على حقائق اتخذتها قناعات
* لا نهضة لمجتمعاتنا إن لم نعد للإنسان مكانته ، لا مكانة لمجتمعاتنا إن لم نصنع الإنسان المفكر الحيوي الفعال الطموح إلى تشييد ما شيد الأوائل لا النحيب على ما اندرس مما خلفوا ، لا حياة لمجتمعاتنا إن لم يكن هدف تعليمنا وتربيتنا هو تعويد الانسان على فهم واقعه والتكيف معه ، وترتيب أفكاره وسلوكاته ، وأخلاقياته العملية ليكون مستوعبا ومنتجا في الوقت نفسه ليتحول بذلك إلى عنصر فاعل متحمل لمسؤوليات إعادة تثبيت واستمرار المجتمع الذي ينتمي إليه بسياق أرفع من سياقه الحالي .
* لن تتحقق نهضتنا مالم نعد ضبط منظومة معرفية تجعل كل إنسان عربي يخضع لسيرورة تعليمية منذ هذه اللحظة ليكون شخصا متعلما ومعلما في الوقت نفسه الشيء الذي يجعل مسؤوليته معقدة في تحويل القيمة المعرفية إلى قيمة اجتماعية فاعلة .
* لن تقوم لمجتمعاتنا قائمة مالم تكن أمتنا أمة معرفية تمثل نماذج مجتمعات المعرفة .
* لن نجدد مآثر أجدادنا مالم نفعل التراكم المعرفي لدى طلبتنا بحيث لا نتركهم يضيعون المعارف التي اكتسبوها من قبل ، فنمكنهم من آليات الاكتساب المتواصل من خلال تفعيل دور التعلم الذاتي لديهم بما يجعلهم قريبين يوميا من مصادر المعرفة والمعلومة ، فيجتهدون للحفاظ عليها وتوظيفها كلما سنحت لهم مواقعهم وظروفهم وعلاقاتهم بفعل ذلك .
* لن نمتطي صهوة التقدم الحضاري ما لم نغرس في الفرد العربي الاستعداد ليكون ممارسا للمعطى المعرفي في أي موقع يحل فيه ، فالعملية التعليمية ليست خاضعة بالضرورة لوجود إدارة تعليمية تقليدية تباشر عملية التوجيه وحسب ، بل مهمة مبرمجة يقوم بها من هم في المؤسسة التعليمية وخارجها، حتى يتم إدراج كل افراد المجتمعات العربية والاسلامية في هذه السيرورة التعليمية المفتوحة.
* لن نسير في مسيرة التحضر مالم نع الانفصام في الشخصية أقصد أساسا الشخصية الحضارية لإنسان والمجتمع العربيين والاغتراب عن الذات والانفكاك عن الجماعة وكل أنواع التوترات الأخلاقية والتربوية اليومية والتقنية المستجدة في السيرورة المؤسساتية للمجتمعات العربية ومفاعيلها الانسانية والمادية المختلفة .
* لن تنهض مجتمعاتنا من كبوتها مالم نحدد سياقات التخطيط والتنفيذ للتتبع والتكيف والمعرفة بطبيعة التحولات التي تمر بها مجتمعاتنا والحاصلة على كل مستوى ، والتكتلات وطبيعة نشاطاتها ، وأهم ما يسهل المهمة في ذلك هو التركيز بالاستغلال والاستثمار الحقيقي للدراسات التطبيقية التحليلية التي تظل حبيسة أدراج مكتبات الجامعات في مجتمعاتنا خاصة التي تمت وتتم إلى حد الآن في إطار الاهتمام بالأبعاد المعرفية لنظريات التغير الاجتماعي بمختلف أصنافها ونماذج ومراتبها المختلفة وبالضبط تلك التي تجريها مراكز دراسات متخصصة لم لا ومعظم الاهتمامات العلمية الحالية في حقل الدراسات السوسيولوجية منصبة حول الجهد الدراسي التحليلي من منظور تطبيقي .
محب العلماء
إن أشد ما يؤلمني هو التفكير في أمتي وسبل نهضتها ، ما يؤرقني هو التفكير في كيفية ردم الهوة بين مجتمعاتنا العربية الاسلامية والمجتمعات الغربية المتقدمة ، ما يقض مضجعي هو محاولة التأمل في وضعية المثقف العربي المسلم ،
لكن هذه التساؤلات جعلتني أقف على حقائق اتخذتها قناعات
* لا نهضة لمجتمعاتنا إن لم نعد للإنسان مكانته ، لا مكانة لمجتمعاتنا إن لم نصنع الإنسان المفكر الحيوي الفعال الطموح إلى تشييد ما شيد الأوائل لا النحيب على ما اندرس مما خلفوا ، لا حياة لمجتمعاتنا إن لم يكن هدف تعليمنا وتربيتنا هو تعويد الانسان على فهم واقعه والتكيف معه ، وترتيب أفكاره وسلوكاته ، وأخلاقياته العملية ليكون مستوعبا ومنتجا في الوقت نفسه ليتحول بذلك إلى عنصر فاعل متحمل لمسؤوليات إعادة تثبيت واستمرار المجتمع الذي ينتمي إليه بسياق أرفع من سياقه الحالي .
* لن تتحقق نهضتنا مالم نعد ضبط منظومة معرفية تجعل كل إنسان عربي يخضع لسيرورة تعليمية منذ هذه اللحظة ليكون شخصا متعلما ومعلما في الوقت نفسه الشيء الذي يجعل مسؤوليته معقدة في تحويل القيمة المعرفية إلى قيمة اجتماعية فاعلة .
* لن تقوم لمجتمعاتنا قائمة مالم تكن أمتنا أمة معرفية تمثل نماذج مجتمعات المعرفة .
* لن نجدد مآثر أجدادنا مالم نفعل التراكم المعرفي لدى طلبتنا بحيث لا نتركهم يضيعون المعارف التي اكتسبوها من قبل ، فنمكنهم من آليات الاكتساب المتواصل من خلال تفعيل دور التعلم الذاتي لديهم بما يجعلهم قريبين يوميا من مصادر المعرفة والمعلومة ، فيجتهدون للحفاظ عليها وتوظيفها كلما سنحت لهم مواقعهم وظروفهم وعلاقاتهم بفعل ذلك .
* لن نمتطي صهوة التقدم الحضاري ما لم نغرس في الفرد العربي الاستعداد ليكون ممارسا للمعطى المعرفي في أي موقع يحل فيه ، فالعملية التعليمية ليست خاضعة بالضرورة لوجود إدارة تعليمية تقليدية تباشر عملية التوجيه وحسب ، بل مهمة مبرمجة يقوم بها من هم في المؤسسة التعليمية وخارجها، حتى يتم إدراج كل افراد المجتمعات العربية والاسلامية في هذه السيرورة التعليمية المفتوحة.
* لن نسير في مسيرة التحضر مالم نع الانفصام في الشخصية أقصد أساسا الشخصية الحضارية لإنسان والمجتمع العربيين والاغتراب عن الذات والانفكاك عن الجماعة وكل أنواع التوترات الأخلاقية والتربوية اليومية والتقنية المستجدة في السيرورة المؤسساتية للمجتمعات العربية ومفاعيلها الانسانية والمادية المختلفة .
* لن تنهض مجتمعاتنا من كبوتها مالم نحدد سياقات التخطيط والتنفيذ للتتبع والتكيف والمعرفة بطبيعة التحولات التي تمر بها مجتمعاتنا والحاصلة على كل مستوى ، والتكتلات وطبيعة نشاطاتها ، وأهم ما يسهل المهمة في ذلك هو التركيز بالاستغلال والاستثمار الحقيقي للدراسات التطبيقية التحليلية التي تظل حبيسة أدراج مكتبات الجامعات في مجتمعاتنا خاصة التي تمت وتتم إلى حد الآن في إطار الاهتمام بالأبعاد المعرفية لنظريات التغير الاجتماعي بمختلف أصنافها ونماذج ومراتبها المختلفة وبالضبط تلك التي تجريها مراكز دراسات متخصصة لم لا ومعظم الاهتمامات العلمية الحالية في حقل الدراسات السوسيولوجية منصبة حول الجهد الدراسي التحليلي من منظور تطبيقي .
محب العلماء
محب العلماء- عضو ممتاز
- عدد المساهمات : 226
نقاط : 6002
تاريخ التسجيل : 07/02/2010
مواضيع مماثلة
» نظرة في علم الأصوات العربي
» تاريخ الأدب العربي
» المفكر العربي شعبوي أم نخبوي؟
» مصادر التراث الصوتي العربي
» من علامات أستاذ الأدب العربي
» تاريخ الأدب العربي
» المفكر العربي شعبوي أم نخبوي؟
» مصادر التراث الصوتي العربي
» من علامات أستاذ الأدب العربي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء 20 ديسمبر 2023, 10:55 من طرف مدير المنتدى
» العدد الثالث من مجلة " آفاق علمية "
الأحد 01 أغسطس 2021, 10:21 من طرف Houcine22
» الشاعر منتميا وملتزما
الأحد 14 أكتوبر 2018, 20:12 من طرف مدير المنتدى
» العرب وكرة القدم
الإثنين 02 يوليو 2018, 20:10 من طرف مدير المنتدى
» الخامس من يوليو (جويلية) مجددا
الإثنين 02 يوليو 2018, 19:42 من طرف مدير المنتدى
» أهلا بشهر التوبة والغفران
الأربعاء 07 يونيو 2017, 11:21 من طرف أسير القافية
» لو عثرت بغلة في العراق ...
الجمعة 03 مارس 2017, 20:17 من طرف أسير القافية
» مسابقة الدخول إلى مدرسة الدكتوراه بتامنغست
الخميس 06 أكتوبر 2016, 16:21 من طرف أسير القافية
» وما بكم من نعمة فمن الله
الخميس 06 أكتوبر 2016, 15:58 من طرف أسير القافية