المواضيع الأخيرة
بحـث
سحابة الكلمات الدلالية
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
مدير المنتدى | ||||
أسير القافية | ||||
ونشريس | ||||
محب العلماء | ||||
هويدا | ||||
حمداوي عبد الرحمان بن قاس | ||||
شوقي نذير | ||||
الأصيل | ||||
تحيا الجزائر | ||||
عبدالله بن حامو |
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 3 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 3 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 53 بتاريخ الأحد 14 أبريل 2019, 17:47
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1352 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو روفي فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 3419 مساهمة في هذا المنتدى في 1524 موضوع
اللسانيات النظرية ولسانيات النص
صفحة 1 من اصل 1
اللسانيات النظرية ولسانيات النص
[size=24][font= Andalus][color=darkred][color=black]
الكاتب : د. مدحت الجيار
(1)
تعيش اللغة العربية ــ شأنها شأن كل لغات العالم ــ تغيراً مستمراً بفعل الحراك الاجتماعي والثقافي، وبفعل التغاير الذي يصنعه المبدعون في لغتهم الخاصة. إذ يقدم هؤلاء المبدعون لغة خاصة تخلق سياقات جديدة لمفردات اللغة، وتسبك تراكيب خاصة في صياغة الجمل والعبارات.
(1) تعيش اللغة العربية ــ شأنها شأن كل لغات العالم ــ تغيراً مستمراً بفعل الحراك الاجتماعي والثقافي، وبفعل التغاير الذي يصنعه المبدعون في لغتهم الخاصة. إذ يقدم هؤلاء المبدعون لغة خاصة تخلق سياقات جديدة لمفردات اللغة، وتسبك تراكيب خاصة في صياغة الجمل والعبارات. بما يخلق ثراءً واضحاً في معجم اللغة وبلاغتها ومعانيها وتراكيبها. ويفرض هذا الأمر ضرورة معاودة النظر في التراث النظري من اللسانيات الموروثة، أو السابقة على النص الحديث، وموازنته بالإبداعية الجديدة التي تغنى هذا التراث النظري وتطوره. وتظهر هنا إضافة لسانيات جديدة، يخلقها النص على المستوى اللغوي والبلاغي، تضاف ــ بالطبع ــ إلى ما يحمله النص السابق أو الثابت. وهنا يصبح واضحاً أن اللسانيات النظرية تمد النص بموروث ثابت نسبياً أي تعطيه اللبنة الأولى، ثم تعطى له حرية الحركة في الكتابة والتجديد والتحديث. فيغتني النص بموروث قديم وحديث ــ كدافع متطور ــ من التراث مثل الموجات المتسابقة ويغنى النص الحديث النص القديم ثم الفكر اللساني بما هو جديد. وكأننا نقول أن لغتنا العربية تملك أكبر ثروة من اللسانيات القديمة والحديثة، على المستويين: النظري والنصي. لأنها امتلكت النص الشعري طوال أكثر من ألف عام وخمسمائة. والنص الشعري أعطاها ــ عبر العصور ــ نحواً جديداً، وبلاغة جديدة، كانت تعدل دائماً من اللسانيات النظرية، وتعطى قضايا جديدة، وتراكيب ومعجماً جديداً حتى أن الضرورات الشعرية التي أعطيت للشاعر العربي طوال تاريخه رخصا (في النحو والعروض والصرف بخاصة) وكانت إشارة لهذه القدرة الشعرية اللسانية على العطاء. ونظرة سريعة إلى منجزات لغة الشعر في لغتنا ولغات الآخرين سوف تكشف عن قدرة خاصة ومذهلة للشعر على تحريك الثابت النسبي، وهز التقاليد اللسانية وهجر ما تمجه الذائقة. يتم ذلك في لحظة واحدة. وتتبعنا لنشأة علوم النحو والصرف والبلاغة واللغة (لدينا) تكشف العلاقة (الصراعية) بين منجز اللسانيات النظرية ولسانيات النص العربي. حتى أننا نستطيع القول: إن علم اللسانيات العربي القديم ــ وقد تأثر بعلوم اللسانيات اليونانية ــ لم يجد غضاضة في إضافة لسانيات "أرسطية" إلى لسانيات النص العربي. ثم كان النص الشعري ثم النثري قد أضاف هذه الإضافات مرة أخرى بعد استعمالها وشيوعها على الألسنة. إننا أمام الثابت النسبي، والمتحول المبدع، في حالة من الاغتناء المتبادل، مما يعطي للإنسان فرصة العطاء المبدع والتجديد والتنوير اللغوي. ولا يبعد عن هذا الكلام ما رآه يكبسون من العلاقة المدهشة بين (نص النحو) و(نحو النص) أو ما يراه سوسير من التجدد المدهش للشفرة اللغوية أو العلاقة اللغوية التي تغير النظام الإشاري والرمزي للغة النص السابق وتعيد صياغة النظام اللغوي باستمرار. وليس الأدب والشعر ــ بخاصة الشفهي ــ أقل خطراً في هذه العملية، بل هو رأس الصراع الدائم بين اللسانيات النظرية ولسانيات النص المتحرك الدائم. ولهذا نجد التصرف الهائل في النحو والصرف والعروض والأصوات بلا حدود في النصوص الشفهية، لأنها لا تتعامل ــ مباشرة ــ مع اللسانيات النظرية، بل ترفضها ــ في كثير من الأحيان ــ وبالتالي ففي الشعر الشفاهي ثم ما كتب وقيد منه تحت اسم الشعر الشعبي ثم النثر الشفاهي والشعبي المدون منه، كلاهما يحمل تنوعاً بلا نهاية. إنه ذلك النص (الحر) غير الخائف من تسلط اللسانيات النظرية. وهو لا ينتظر التقييم أو النقد، لأنه يؤدي بمعزل عن الفئات المثقفة أو المتصلة بلسانيات نظرية ما. ونظرة سريعة على مقولات أرسطو في فن الشعر أو فن الخطابة ثم نظرة إلى ما يقوله عبدالقاهر الجرجاني أو ابن جنى أو ثعلب أو حازم القرطاجني، سيري، التواصل الضخم في اللسانيات النظرية بل سيري المتابع التأثير الشديد للنص الشعري والنثري بل القرآني على هذه اللسانيات النظرية. وعندما تتقدم في التاريخ العربي للإبداع سنجد أن فترة صعود النصوص الشفاهية والشعبية قد أضافت ثراءً ظهر أثره في الإبداعية العربية في القرن العشرين ثم في اللسانيات النظرية في الوقت نفسه. ولابد أن نراعي في هذا السياق أن مناهج الدرس اللغوي والنقدي والأسلوبي لم تنفصل عن بعضها البعض، وبالتالي ظهرت الإشكالية فيما بين الأجيال الشعرية والسردية في النص الجديد، ومعرفة لسانياته وهو ما دخل تحت ما أسميناه في دراستنا المعاصرة "النقد التطبيقي" أو اللسانيات التطبيقية. وهذه صاحبة الفضل في معرفة الفوارق الفنية بين لسانيات سبقت ولسانيات نصوص معاصرة. الأمر الذي يشير لأهمية عمل المعاجم النوعية للشعر والنثر، والمعاجم المرحلية (التي تهتم بلسانيات ومعجم كل مرحلة تاريخية) كما تشير لأهمية الدراسة اللسانية المعاصرة بعد الاغتناء الضخم من علوم اللغة الحديثة وتفجر النص العربي، وتفجر الواقع اللغوي المعاصر عبر وسائط التكنولوجيا الحديثة، ابتداءً من البث الفضائي إلى الكمبيوتر وشبكات الانترنت وتداخل النصوص المتوازي مع تداخل الأجناس والاستنساخ والوصول لرقائق صوتية وفنية لم نكن نستطيع قياسها من قبل بالطرق غير المتقدمة. وهذا ما جعل اللسانيات تتواصل مع علوم أخرى بلاغية ونقدية وأسلوبية. ثم تداخل اللسانيات مع المنجز التكنولوجي. وقد تواصل النص الأولى بجمالياته الموروثة والجديدة مع الوسائط نفسها ومع الحقول والعلوم نفسها. مما يجعلنا ننادي بضرورة وجود علم لسانيات تطبيقي، مستقل (وصفي تحليلي). وتتحرك هذه الأفكار كلها ــ الآن ــ على خلفية تقدم علم اللغة (اللسانيات) وكونه أصلاً في العمل لأي دارس في أي اتجاه. لغوي، بلاغي، جمالي نقدي. وكما يقول محمد الحناش فإن "دور اللسانيات الحديثة، هو إعادة هيكلة قواعد النحو العربي (بمفهومه الواسع طبعاً) من منظور جديد، فتقدمها بطرق أخرى تكون أكثر ملاءمة مع التطور الذي حصل في المجتمع العربي. وهذا المنهج لا يعني الانتقاص من قيمة التراث اللغوي (اللساني) بل تأكيد لقيمته.."(1) نجد ثراءً (بالقوة) في هيئات وتراكيب وأجرومية النص العربي.. وهي موجودة الآن (بالفعل).. وللغة قدرتها المستمرة وحياتها الدائمة وحركتها التي لا تتوقف لأنها لغة الإنسان.. هل نعود لحديث سوسير الذي يفرق بين اللغة والحديث؟!. (2) ومهما يكن من أمر البدايات الاعتباطية في نشأة اللغة أو في نشأة الأدب، ثم ظهور القواعد والمحددات.. فإن عمل اللسانيات يبدأ من اكتمال اللغة ونضوج أدبها.. لأنه يهدف إلى تقصيد اللسان ووصف أنظمته الصوتية والدلالية والمجازية في آن واحد.. وهذه الأنظمة ليست خالدة بالطبع، فإن الاستعمال يحولها إلى هياكل وهيئات واستخدامات صعبة.. وعندما تتجه اللسانيات إلى السهولة والتيسير أو إلى نقلها لغير الناطقين بها، أو حين يستخدمها الناس العاديون الذين يستهلكون اللغة ولا ينتجون لسانها. عند هذه الحدود تتغاير اللغة في النص عن اللغة في النظرية.. ونشير هنا إلى أن اللسانيات النظرية تتغير وهي تتعامل مع لسانيات النص.. وهذا النص قد يكون جملة شفاهية، أو جملة مكتوبة، موروثة أو آنيه، قديمة أو جديدة.. ولهذا تبدأ اللسانيات من لسانيات النص بشكل عام، وتقف عند لسانيات الأدب والشعر بخاصة وقفة مليئة بالحذر والصبر، ففيها مفتاح التطور والتغير. وهذه إشارة إلى أن لسانيات النص تعني لسانيات الأدب ــ كما قلنا ــ وبالتالي فهي تتعامل مع لسانيات لها مرجع وجذور اجتماعية ونفسية وتاريخية وفنية.. وأن الرسالة ليست غفلاً وليست شفافة بل هي كما يقول البنيون التوليديون رسالة أو لسان له بنيته السطحية (الرسالة من الخارج) وبنيته العميقة (الرسالة من الداخل أو الباطن العميق). ومن ثمّ فهناك في لسانيات النص مستويات لا حصر لها في الدلالة والتركيب خاصة حين يتلاعب الإيقاع أو يتلاعب المعنى بتركيب النص أو حين يجعل المجاز الجملة أو النص مثل الموجات الدلالية يستوعب منها المرسل والمستقبل على قدر مخزونة، وقدر فهمه.. أعني أن قدرة الأداء قد تختلف عن قدرة التلقي، ويصبح هذا الفارق لصالح النص المرسل. "وشأن البنيوية في اللسانيات كشأنها في فروع الدرس العلمي الأخرى؛ إنها تعني –ابتداءً- مقاربة جديدة لحقائق معروفة بالفعل يعاد النظر فيها طبقاً لوظيفتها في النظام.. ويتضمن الموقف البنيوي –بالإضافة إلى ذلك- إلحاحاً على الوظيفة الاجتماعية (التواصلية) للغة، وتمييزاً واضحاً بين الظواهر التاريخية والخصائص المميزة للنظام اللغوي في لحظة زمنية بعينها..".(2) والنظام اللساني المنطوق أو المكتوب بنية متولدة من بنية أكبر منها، لأن العلاقة بين البنيتين تمثل حالة وضع الشفرة بين المرسل والمرسل إليه وتحمل دلالة الشفرة لدى كليهما.. وهذا ما جعل حلقة براغ اللسانية ترى أن "اللغة المكتوبة واللغة المنطوقة لا تنطبقان، ولكل منهما خصائصه المميزة.. ولابد إذن من فحص العلاقة بين لغة الكتابة ولغة النطق".(3) وساعدت الرؤية النفسية على تعميق لسانيات النص وأكملت ما تراه الرؤى الاجتماعية والبنيوية التوليدية حيث تجد اللسانيات النفسية "الإنسان أثناء عملية التواصل. ومن ثمّ يشمل مجال الاهتمام المباشر لهذا العلم: الظواهر العضوية والنفسانية لإنتاج الكلام وإدراكه، والمواقف العاطفية والذهنية تجاه حدث بعينه من أحداث التواصل، والخلفية الثقافية والاجتماعية التي تشكلت نفسية الفرد في مواجهتها.."(4) وبالتالي تكون لغوية النص واجتماعيته ونفسيته وفنيته موضوعاً متكاملاً عند النظر إلى النص من زاوية لسانيات النص. ذلك أن هذه العلوم الحديثة قد أحدثت ثورة في النظر إلى مكونات اللسان: الصوتي والدلالي والتركيبي والمعجمي والمجازي والرمزي. وجعل هذا التقدم النظر إلى اللسانيات القديمة نظرية ونصاً، يدين الماضي دون اتهام بالتقصير. لأن موروث اللسانيات النظرية في العالم كله، لم يكن قد تدعم بإنجازات العلم المعاصر بعد. وبالتالي أصبح للسانيات النص الغلبة في اللسانيات المعاصرة خاصة أنها فتحت النص على منافذ وساحات لم يكن اللسان القديم قد توصل إليها أو إلى تأثيرها في اللسانيات النظرية أو لسانيات النص بعد. ولو قارنا اللسانيات النظرية في أي لغة، بلسانيات أحد نصوص الأدباء الراسخين لوجدنا الفارق واضحاً. ولا نستطيع أن نحكم هنا بخطأ أو نقصان لسانيات النص، بل نحكم عليها بالمخالفة للمعيار السائد أو الموروث، أو نحكم عليها بما نصفه بالانحراف عن المعيار اللساني النظري. ذلك أن قيمة النص ولسانه لن يخضع لحكم القيمة في البداية لأنه يحتاج إلى عدة خطوات علمية تمكنا نحن الباحثين والنقاد والبلاغين من معرفة درجة الاقتراب من اللسان النظري ومدى إضافة اللسان النصي له. فوصف مكونات النص (الهيكل اللغوي وعلاقاته) يمهد لتحليله، ثم تقييمه ثم الحكم عليه حتى نصل إلى معرفة درجة انحرافه أو إضافته.. فيوضع النص ضمن تصنيف لغوي وفني ونقدي أدبي يساعد في رصد الظواهر النصية الجديدة. وتقف اللغة المجازية بكل فنونها كجوهر للتغيير والتثوير اللساني الذي يعطي للسانيات النص حيويته الدائمة.. لأن أحد أهداف صاحب هذا النص خاصة، أن يخالف السائد والموجود والموروث ليفسح مجالاً لنصه كي يعيش بين النصوص المتميزة داخل آداب هذه اللغة أو داخل سياق هذه الأمة الحضاري. ويهمنا أن نشير إلى مقولة تودوروف في هذا السياق لأنه يرى "أن اللغة المجازية تتعارض مع اللغة الشفافة لكي تفرض حضور الكلمات وأن اللغة الأدبية تتعارض مع اللغة المشتركة لكي تفرض حضور الأشياء. فوجود خصم مشترك يفسر صلة القرابة بينهما.. ويفسر في الوقت نفسه، الإمكانية المتاحة لهما لكي تستغني أحداهما عن الأخرى. ويستخدم الأدب الصورة البلاغية كسلاح في صراعه مع المعنى المحصن، ومع الدلالة المجردة اللذين استوليا على الكلمات في الحديث اليومي ويتحقق هذا التعاون بشكل مختلف في النثر عنه في الشعر...".(5) وهذا ما جعل البلاغة والدرس البلاغي يقف على أرضية صلبة لأنها تتعامل مع النصوص، وليس مع تأملات نظرية مجردة كذلك ارتبط علم البلاغة العربية بالنص منذ بداياته حتى الآن. فمن النص الشعري كمفسر للغة النص القرآني.. إلى بلاغة النص القرآني حالة كونه متسقاً من ناحية مع لغة العرب آن نزوله، وحالة كونه مخالفاً لها في بعض الجوانب المعجمية والبلاغية والنحوية التي لفتت الأنظار إلى ضرورة تبيان الفارق ودراسته. وبالتالي كان اشتمال علم البلاغة على البيان والبديع والمعاني مستفيداً من أساسيات النحو والصرف واللغة والمعجم والأساليب العربية.. كان ذلك اشتمالاً طبيعياً فقد كان علم النص المقدس الذي يحوي كل العلوم الأساسية المساعدة له، والشارحة المؤولة للنص العربي.
________________________________________________
** هوامش:
1- محمد الحناش، البنيوية في اللسانيات، الحلقة الأولى، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1980م، ص6.
2- ميلكا إفيتش، اتجاهات البحث اللساني، ترجمة سعد مصلوح، ووفاء كامل، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، ص193.
3- المرجع السابق، ص249.
4- المرجع السابق، ص309.
5- تزيفتان تودوروف، الأدب والدلالة، ترجمة محمد نديم خشفة، مركز الإنماء الحضاري، الطبعة الأولى، 1996م، ص117.
+
كتاب اللسانيات
+
المعجم الموحد لمصطلحات اللسانيات
.
المدارس اللسانية
--------------------------------------------------------------------------------
زين العابدين سليمان: أول مدرسة لغوية حديثة هي مدرسة سوسير باسم مؤسسها فرناند دي سوسير وبعض اللغويين يحلو لهم تسميتها مدرسة (جنيف) غيرت هذه النظرية طبيعة التفكير اللغوي، ووضعت حدا فاصلا بين عهدين من الدراسة اللغوية،عهد الدراسة التقليدية الممتد من زمن الأغريق حتى بداية القرن العشرين،وعهد الدراسة الحديثة التي بدأت مع ظهور مدرسة سوسير، لقد قامت نظرية سوسير في دراسة اللغة على منهج جديد يستند الى أسس محددة، ويتسم بسمات مخصوصة، لعل أهمها،هو النظر الى اللغةعلى انهانظام من العلامات اللغوية،يرتبط بعضها ببعض بشبكة من العلاقات،أوهي مجموعة عناصر متشابكة،لاينعزل فيها عنصر عن عنصر اخر داخل هذا النظام،فأذا خرج عنصر من الشبكة،ولم تكن له علاقة بغيره،فقد قيمته.
ونتيجة لنظرة سوسير هذه الى النظام اللغوي،وما يكونه من العناصر،فقد وقف بعمله اللغوي عند حدود الوصف والتحليل والتفسير بطريقة علمية موضوعية.
ولناعودة مع مدرسة لسانية اخرى ان شاء الله.
المدرسة اللغوية الثانية
مدرسة(براغ)،فقد أفادت هذه المدرسة كثيرا من أصول مدرسة سوسير،لكنها غيرت بعض الأصول وطورت بعضها الاخر.
وكان من أشهرمؤسسي مدرسة براغ(نيكولاي تروبتسكوي ت 1938)و(رومان ياكيسون ت1982).
لقد وضعت هذه المدرسةنظرية كاملة في التحليل الفونولوجي،وأقامت هذه النظرية على تصور خاص للفونيم،ولم يكن هذا التصور الا منبعثا من ثنائية سوسير المعروفة وهي (اللغة)و(الكلام)
فالفونيم عند (تروبتسكوي)يكون مرة من (اللغة)بوصفها نظاما متعارفا عليه في بيئة معينة، ويكون مرة أخرى من (الكلام)الذي هو ممارسة فعلية فردية للفرد..
والفونيم هنا يدرس ضمن فرع من علم اللغة هو (علم الأصوات اللغوية)،وحين يكون الفونيم من الكلام فأنه ينضم الى غيره من الوحدات الصوتية الأخرى لبناء مفردة معينة،يكون لها معنى خاص وللفونيم هنا تكون له وظيفة لغوية وأثر في المعنى،فأذا استبدلنا وحدة صوتية أخرى اختلف معنى المفردة وصارت كلمة اخرى، ومن الأمثلة على ذلك الفونيم(ن) الذي يكون معزولا عن غيره ويكون مرة أخرى عنصرا من عناصر الحدث الكلامي، وذلك اذا أنضم الى غيره وتألفت مفردة،
كقولنا(نام) اذا استبدلنا به(ق) اصبحت المفردة(قام) فقد تغيرت الكلمة واصبح لها معنى اخر
إن السمة المميزة في اللسانيات المعاصرة هي البنيوية،ولقد كرست اللسانيات المعاصرة لوصف نظام اللغة،انطلاقا من اللغة/اللغات،فاللغة لم تظهر كتطور،كتاريخ،ولكن من حيث إنها بينة ذات قوانين وقواعد وظيفية.فالأمر هنا يتعلق بتحليل بنيات الدلالة،أو تحليل التغيرات الداخلية لبنية تتحول دون البحث عن أصلها،وتتبع تطوها.
لقد انطلقت اللسانيات البنيوية انطلاقا من "محاضرات اللسانيات العامة"لسوسير،وانطلاقا من أعمال مشتركة لمدرسة براك،و التي تفرعت بدورها إلى عدة تيارات منها مدرسة كوبنهاجن.
1-البنيوية الأوربية:
يعتبر سوسير أول من قال بأن اللغة نظام من العلامات،أي أن اللغة مجرد نسق منسجم،وهو بذبك يمثل فهما للواقع الخارجي،غير أن الفيلسوف هوسرن يذهب إلى أن اللغة تُوضع عبر نظام المنطق الذي يعطي الاستواء للتنظيم اللغوي،كما يدرس نظام اللغة و مورفلوجيا العلامات،و القواعد التي تمكن من تأسيس كلام ذو معنى.
ويذهب سوسير إلى أن اللغة ظاهرة اجتماعية نفسية.وهكذا تعامل سوسير مع اللغة كموضوع للدرس اللسني،وذلك من خلال المبدأ القيم،وهو دراسة اللغة في حد ذاتها،و لذاتها.هكذا يبدو لنا ابتعاد سوسير عن الاعتقاد الذي كان سائدا في القديم.حيث إن اللغوي القديم،كان يدرس اللغة لا من أجلها،ولكن من أجل غايات غير لغوية.
أما لفي ستراوس،فينظر إلى دراسة سوسير للغة بوصفها نسقا مستقلا بذاته،نسقا يقوم على التشبت بعلاقة فاعلة تصل مكونات العلامة اللغوية،أي تصل بين نسق اللغة و الكلام الفردي من جهة،و بين الصورة الصوتية(الدال) والمفهوم(المدلول) من جهة ثانية.
*-مدرسة براغ:
من بين الفرضيات العامة لمدرسة براغ نجد ما يلي:
-اعتبار اللغة كنظام وظيفي،وذلك لأن اللغة الناتجة عن العمل اللساني إنما هي نظام لوسائل التعبير،حيث الهدف و تحقيق مقاصد كل متكلم في التعبير و التواصل.
-التأكيد على أن أحسن طريقة لمعرفة جوهر اللغة هو التحليل السانكروني لضمان الفعلية.
-على اللساني الاهتمام بالدراسة الفونيتيكة، و الدراسة الفونولوجية للنظام اللغوي.
يعتبر "تروبتسكوي" المشرع الحقيقي لأفكار مدرسة براغ،كما ساعده وطور مفاهيمه "ياكبسون"،إذ انصب اهتمامهما حول النظريات الفونولوجية.وعموما فمدرسة براغ مرتبطة بسوسير و مبادئه الأساسية؛إذ تنطلق المدرسة من تقسيم سوسير للغة و الكلام،كما يردد تروبتسكوي فكرةَ سوسير حول اعتبار اللغة نظاما يوجد في وعي أعضاء الجماعة.
*-مدرسة كوبنهاجن:
تعتبر هذه المدرسة،أهم التيارات البنيوية الحديثة في اللسانيات.وقد عرفت هذه المدرسة بالكلوسيمائية التي اعتمدت المنهج التحليلي و الاستنباطي،وقد درست اللغة أيضا على أنها صورةforme و ليست مادة substance، و اعتبرت اللغة حالة خاصة من النظام السيميائي.
ومن اللسانيين المتقدمين في مدرسة كوبنهاجن،نجد "بروندال"،الذي حاول إيجاد المفاهيم المنطقية و الطبيعية داخل اللغة،وقد كتب في "أقسام الكلام" أن فلسفة اللغة لها موضوع، وهو البحث عن عدد المقولات اللسانية وتحديدها.أما يمسليف، فقد كان شارحا لآراء سوسير،إذ كانت آراؤه عبارة عن نظريات سوسيرية،خاصة فيما يتعلق بالعلامة اللغوية، أو العلاقات،أو صورية اللغة.وذلك أنه انطلاقا من التصور المنطقي،الصوري للغة،يجب وجود نظرية للعلامة.
2-البنيوية الأمريكية: لقد اتجهت البنيوية الأمريكية نحو اللسانيات البنيوية الشائعة،انطلاقا من أعمال كل من "بواس"،و"سابير"،و "بلومفيلد".
يرى سابير أن اللغة عمل اجتماعي تواصلي،و إنتاج تاريخي.و اللغة،أيضا، تمثيل للتجربة الواقعية،وهو بذلك يقدم تصويرا ماديا للغة،ذلك أنه اعتبرها انعكاسا للمحيط،يشكل سابير تصورا بنيويا للغة و ذلك من حيث إنها بنية،فهي تؤسس قالبا للفكر.
إن التصور السلوكي للغة عند بلومفيلد،يعود إلى الترسيمة المشهورة:"مثير/استجابة".ذلك أن بلومفيلد يدرس التصرف الإنساني كمجموعة من المثيرات و الاستجابات،وذلك ليشرح على ضوئها الظواهر اللغوية،فالمثير هو حدث واقعي يمكن أن يتوسط من خلال الخطاب،فهو إذن يعوض حركة شفوية"الكلام"أي الاستجابة التي نتجت عن الموجات الصوتية التي أنتجها المتكلم عبر الهواء.
وانطلاقا من بلومفيلد،تعرضت البنيوية الأمريكية لوصف البنية التركيبية،كما درست المكونات المباشرة دون تسميتها،ولكن أشار إليها بواسطة الأقواس.
كما يذهب "هاريس" إلى أن الجملة تجزأ إلى مجموعة عناصر أو مركبات،تسمى بالمكونات المباشرة للجملة،وهذه الأخيرة تقسم هي بدورها إلى متواليات صغرى تسمى بالمكونات المباشرة للمركب،وتستمر العملية إلى أصغر المكونات للجملة، و هي :المورفيمات
.
فروع اللسانيات :
*اللسانيات الآنية: هو فرع من فروع اللسانيات الذي يهتم بدراسة خصائص اللغة ومميزاتها في فترة زمنية محددة وفي بقعة مكانية محددة، فيقال مثلا: دراسة اللغة العربية في العصر الجاهلي، الأندلسي، الأموي، أو دراسة اللغة الفرنسية في العصر الحديث.
*اللسانيات التاريخية: هو فرع من فروع اللسانيات الذي يهتم بدراسة التغييرات والتحولات في اللغة في فتراة مختلفة وأماكن مختلفة فيقال مثلا: اللغة في العصر الجاهلي والحديث.
*اللسانيات التطبيقية: هو فرع من فروع اللسانيات الذي يهتم بتطبيق المعلومات والنظريات المتوصل إليها في مجال اللغة وتطبيقها على الواقع، ومن أشهر التخصصات الموجودة في اللسانيات التطبيقية نجد علم النفس اللغوي، علم الاجتماع اللغوي، الأنثروبولوجيا اللغوية….الخ
*اللسانيات التحويلية: هي اللسانيات التي أتى بها نعوم تشومسكيN. Chomsky (وهو عالم لغوي وسياسي أمريكي اشتهر بالنظرية التوليدية في اللغة) ومفادها أن الإنسان يُوفق فطريا على النحو الخاص بلغته، وهذه المعرفة الفطرية تتطور باستمرار، ومن خلالها يستطيع توليد كل جمل لغته(عدد غير منته من الكلمات).
*علم الدلالة:Sémantique إن الدلالة أو المعنى من أكثر المصطلحات غموضا وإثارة للجدل ، وعلم الدلالة هو ذلك الفرع من فروع علم اللغة الذي يتناول نظرية المعنى، أو هو العلم الذي يدرس الشروط الواجب توفرها في الرمز حتى يكون قادرا على حمل المعنى ، ويعتبر توصيل المعنى هو الهدف الرئيسي للغة(جمعة سيد يوسف-1998-) فالناس يتحدثون لتوصيل معنى أفكارهم للناس.
ويبين ابن فارس أن هناك ثلاثة مستويات للمعنى :
- المعنى : مشتق من عنيت أي قصدت بالكلام كذا وكذا
- التفسير : التفصيل بالشرح وإظهار ما ستر أو خفي
- التأويل : هو آخر الأمر وعاقبته
ويرى الجرجاني أن المعنى أو الدلالة هو صور ذهنية وله عدة أنواع منها :
- المعنى الأساسي : وهو المعنى المتصل بالوحدة المعجمية
- المعنى الإضافي : المعنى الإشاري
- المعنى الأسلوبي : المعنى الخاص بالفروق الاجتماعية والمنطقة الجغرافية
- المعنى النفسي: هو معنى فردي خاص بالمتحدث
- المعنى الإيحائي: ويخص الاستخدامات المجازية
*علم المصطلح(المفردات المعجمية): هو العلم الذي يدرس الحصيلة اللغوية أي La Vocabulaire
* علم النحوSyntaxe: هو العلم الذي يدرس القواعد اللغوية أي كيف ترتبط العناصر ووحدات اللغة عندما تذكر معا في الكلام.
* علم الصرف Morphologies: هو العلم الذي يدرس التغيرات التي تحدث على الأفعال والأسماء عندما تصدر عن الإفراد، المثنى ، والجمع
*البرغماتية : هو العلم الذي يدرس الاستعمال الحقيقي للغة في الواقع ، بمعنى كيف يستعمل الإنسان لغته ليتحصل على ما يريد ، فاللغة أساس مهم في الحياة الاجتماعية بكل تفاصيلها وعلى أساسها يتم التواصل وتوطيد سبل التعايش فيها، فهي وسيلة الإنسان للتعبير عن حاجاته ورغباته وأحاسيسه ، ومواقفه وطريقة تعايشه وإرضاء غريزة الاجتماع لديه، فالفرد يعتمد على ما لديه من قدرة لغوية لتحقيق مآربه كما ذهب في ذلك هيقل في مقولته الشهيرة:" إن اللغة هي منزل الكائن البشري"ويقصد بالبرغماتية النفعية وهو مصطلح شائع الاستعمال في مجالات مختلفة فلسفية،لغوية، سياسية… وظهر التيار البرغماتي أول الأمر ضمن المدرسة اللغوية الأنجلوساكسونية وكان يعني به النفعية في اللغة أي " معرفة السيرورات اللغوية والعمليات النفسية التي تتم بين الأفراد عندما يكونوا في عملية اتصال فيما بينهم" .
وترى البرغماتية أن للغة وظيفة هامة في حياة الإنسان حيث تسمح له منذ الطفولة المبكرة أن يشبع حاجاته ويعبر عن رغباته وما يريد الحصول عليه من البيئة المحيطة .
من أشهر علماء البرغماتية أوكسفورد Oxford، جون أوستان J.Ostin وسورل J.Searle…الخ وكان شال بيرس C.PEIRCE أول من استخدم كلمة بارغماتية وكان ذلك سنة 1978 في مقال بعنوان"كيف نوضح أفكارنا" ، وقد قام علماء البرغماتية بتحليل اللغة برغماتيا فوجدوا أن لها ثلاثة أفعال ممكنة هي :
- الفعل اللفظي: أي القيام بفعل الكلام بتجربة وذلك عن طريق تحريك جهاز النطق وبالتالي فالكلام هنا يعني تقديم معلومات معينة عن طريق العملية الحركية لجهاز النطق.
- فعل سلوكي: ويسمى أيضا " فعل ما وراء النطق " والذي يتمثل خاصة في أن الكلمات التي ينتجها المتكلم في بنية نحوية معينة منتظمة محملة بمقاصد معينة في سياق محدد تعمل على تبليغ رسالة وتحدث أثر عند المتلقي أو المستمع، بمعنى آخر الفعل السلوكي يتمثل في طبيعة الكلام من أوامر ونواهي تنتج عن هذا الفعل ، مثلا "لا تفتح الباب ، استمع بصمت ، اذهب لفلان…الخ
- فعل غرضي : ويسمى أيضا "الفعل القصدي أو الإيعازي" والذي يقصد به أن المتكلم حين يتلفظ بقول ما فهو ينجز معنى قصديا أو تأثيرا مقصودا ، وهو ما يسميه العلماء"قوة الفعل"، وقد اشترط اوستان AUSTINلتحقيق الغرض أو المعنى الإيعازي ضرورة توفر السياق العرفي المؤسساتي لغة ومحيطا ، بمعنى أدق الفعل الغرضي هو أنه عن طريق الكلام يحاول الشخص الوصول إلى غرض معين من الكلام كالاقتناع بفكرة معينة ، أو فهم مضمون معين .
*الفونيتيك: يسمى أيضا علم الصواتة أو الأصوات العام، يهتم علم الفونتيك بدراسة اللغة الصادرة بواسطة الصوت وسيرورات التواصل المنطوق ودراسة الخصائص الفيزيقية للصوت فتحدد طابعه ونبرته ( نغمته) وحدته وإيقاعه … وغيرها.
والفونتيك له ارتباط كبير مع الأرطفونيا ففي حالة اضطرابات النطق لا بد من إيضاح الطريقة التي بنطق بها المريض أصوات اللغة ومعرفة أين تكمن اضطرابات النطق عنده.ولكي يستطيع الأرطفوني أو اللساني القيام بهذا لا بد أن يلم بمعارف كافية في الفونتيك بمختلف فروعها.
* الفنولوجيا: ويسمى أيضا الفونتيك الوظيفية أو علم الأصوات الوظيفي، الفونولوجيا هو الدراسة العلمية لأنساق أصوات اللغة الطبيعية وتتمثل في بحث ودراسة أصوات اللغة من وجهة نظر وظيفتها داخل انساق لاتصال اللغوي. فالفنونولوجيا هو تحليل الاستعمالات المتنوعة لجملة الأصوات الوترية في لغة معينة ووضع أنساق تقابل سمات هذه اللغة ( نظامها اللغوي).
وكما يلاحظ فان الفونتيك والفونولوجيا لهما نفس الوضع وهو الأصوات ولكن يختلفا في أسلوب تناول ومقاربة هذه الأصوات فالفونتيك عامة تهتم بالأصوات من الناحية الفيزيائية دون الاهتمام بوظيفتها في لغة معينة وهي أيضا وصفية وتصنيفية، أما الفونولوجيا هي خاصة ( تأخذ لغة أو لغات معينة) ووظيفية، أي تنظر في وظيفة أو عمل أو ميكانيزمات الأصوات في لغة واحدة أو عدة لغات.
ولعل العلماء الأوائل الذين كان له دور في ظهور الفونولوجيا هو العالم جاكسونJackson -أستاذ ليفي ستروس العالم الأنثروبولوجي- صاحب نظرية" الملامح المميزة في الدراسة الفونولوجية" أو " نظرية المورفيم" التي بحثت في الطبيعة الاستعارية والكنائية للأدب وتأثير ذلك في محوري الاستبدال والمجاورة التي تتعلق بعملية النطق ومخارج الحروف .
وتعتمد اللسانيات والأرطفونيا على الفونولوجيا لما تكون إما حالة تأخر في الكلام فيستدعي حينئذ إجراء حوصلة فونولوجية.أو عند دراسة الأصوات من الناحية اللغوية
*علم النفس اللغوي: هو مجال اختصاص يجمع بين علم النفس واللسانيات لدراسة اللغة ولدراسة على وجه الخصوص السياقات النفسية الكامنة وراء إنتاج المواد الألسنية وفهمها وتذكرها، وكذا والتعرف عليها.
كما يعرف أيضا بكونه:" فرع من فروع علم اللغة التطبيقي الذي يدرس اكتساب اللغة الأولى وتعلم اللغات الأجنبية والعوامل النفسية المؤثرة في هذا التعلم".
إن علم النفس اللغوي مثال حي على التفاعل الوظيفي بين مجالين هما "علم النفس-المعرفي خاصة- واللغة " بمعنى أدق يدرس العلاقة بين اللغة والعقل الإنساني. وقد أوضح تشومسكي أن اللغة عملية سيكولوجية نشطة تنشأ عن مجموعة محدودة من القواعد النحوية ، وقد بذل علماء النفس المعرفيون خاصة مجهودات ضخمة للبرهنة على الصرف السيكولوجي لعلم اللغة .
ولعلم النفس اللغوي مجالات متعددة منها: :
- دراسة عيوب النطق والعلاقة بين العقل الإنساني واللغة بشكل عام .
- دراسة العلاقة بين اللغة والتفكير باعتباره عملية عقلية نفسية .
- يهتم بمهارات أساسيتين هي: "الإدراك، الفهم والإنتاج" وكيفية اكتسابهما .
من أشهر العلماء الذين اهتموا بدراسة علم النفس اللغوي نجد:أوزقودC.E.Osgood، سبوكT.E .Sebeok وأيضا سكينرF. Skinner العالم السلوكي الذي ألف كتاب "السلوك اللفظي".Comportement verbale
يمكن أن نصل في حوصلة لماهية علم النفس اللغوي أنه العلم الذي يدرس سيكولوجية الأشخاص عن طريق استعمال اللغة وبالتحديد الرسائل اللغوية المتبادلة بين المتحدثين والمقاصد والحالة العقلية لهم ويسمى هذا النوع لدى بعض العلماء خاصة علماء اللغة؛ "علم اللغة النفسي" .
*علم الاجتماع اللغوي: إن اللغات تتغير وتتطور دائما، لكن هذا التغير التاريخي يكون متبوع بتغير آني changement synchronique، أي يمكننا دائما أن نعاين في صلب اللغة الواحدة تعايش أشكال وصيغ مختلفة. لقد بين أنطوان A.Meillet الطابع الاجتماعي للغة حيث يرى في كتابه "كيف تتغير الكلمات " أن :
1. إن حدود اللغات تميل إلى الاقتران بحدود الزمر الاجتماعية les groupes sociaux
2. اللغة هي ظاهرة اجتماعية بامتياز فهي توجد مستقلة عن كل فرد من الأفراد الذين يتكلمونها وعلى الرغم من أنها لا تقوم بمعزل عن مجموع هؤلاء الأفراد فإنها مع ذلك خارجة عنه "أي الفرد" من خلال عموميتها.
3. إن صفتي الخارجية عن الفرد والإكراه التين يحدد دوركايم بهما الظاهرة الاجتماعية تظهران إذن في اللغة بداهة
إذن يحصل التغير اللغوي حينما تسمح صيغتان لغويتان بالتعبير عن "نفس الشيء"، أي حينما ينطوي دالان على نفس المدلول، وأن الاختلافات الموجودة تضطلع بوظيفة أخرى هي: الوظيفة الأسلوبية أو الاجتماعية التي تتوزع حسب السلم الاجتماعي (كل طبقة اجتماعية تستعمل مفهوما خاصا بها ويدل عليها). إن المقاربات السوسيولسيانية تتمثل تحديدا في تقصي هذا النوع من الاختلافات بين المتغيرات اللغوية والشرائح الاجتماعية بإجراء تقاطعات بينها بشكل منظم.
ولو تحدثنا عن الوجه الآلي الذي يسم المقاربة الاجتماعية سنتساءل : هل نحن ننطلق من تحليل اللغة لنفهم شيئا ما عن المجتمع؟ أم ننطلق من تحليل المجتمع ليسمح لنا بفهم اللغة؟
لقد شرع بورديو في الرد على هذه التساؤلات ، ورأى أن اللسانيات التي ظهرت بعد دي سوسير قد قامت على رفض الطابع الاجتماعي للغة ، وأن اللسانيين لا خيار لهم سوى البحث في صلب اللغة .
والخطاب كما يرى بورديو ليس رسالة فحسب ، بل هو منتوج نعرضه على تقييم الآخرين وأن قيمته ستتحدد من خلال علاقاته بمنتوجات أخرى أكثر ندرة أو أكثر رواجا .
وقد تحدث بورديو عن مفهوم "السوق اللغوية" حيث يؤكد أنه إذا كانت اللغة أداة تبليغ فهي أداة تبليغ فهي كذلك أمارة وعلامة خارجية عن الثروة. ولكي تفرض لغة من اللغات بوصفها لغة شرعية ، لابد من سوق لغوية موحدة تقدر فيها قيمة اللغات المختلفة واللهجات ومقارنتها باللغة المهيمنة. وهذا كله قد حمله على الغلو في ديباجة هذا المجاز الاقتصادي الذي يقوم على ميزان القوى الرمزي بين منتج مزود برأس مال لغوي مستهلك والذي من شأنه أن يجلب ربحا ماديا أو رمزيا.
إن مفهوم الجماعة اللغوية يكاد يكون مفهوما قديما قدم اللسانيات فقد كان يعرفها بلومفيلد bloomfild بكونها زمرة من الناس تنشط بواسطة الخطاب، أما أ.مارتينيه في محاولته لتحديد الجماعة اللغوية يقول:" يحصل التواصل كلما كانت هناك لغة" .
إن الكيفية الوحيدة التي تمكن من الذهاب إلى غاية التصور القاضي بأن اللغة ظاهرة اجتماعية ، وبأن دراسة اللسانيات ليس هو اللغة فحسب ، بل الجماعة الاجتماعية من حيث وجهها الاجتماعي .
فعلم الاجتماع اللغوي إذن سيهتم بدراسة الظواهر المرتبطة باللغات : عدد اللغات ، وظائفها، عدد الناطقين بها، وصف المظهر اللغوي للمجتمع …الخ أي العلم الذي يدرس الجماعة الاجتماعية .
*علم الأعصاب اللغوي: دراسة الوظيفة المعرفية للغة معناه دراسة اللغة من خلال عدة عمليات عقلية وعصبية مثل: الإحساس ، الانتباه، الإدراك الذاكرة ، التذكر، التخيل ، التفكير، اتخاذ القرار وحل المشكلات، التعلم، العلاقة بين التكوين النفسي والتكوين الجسدي، وفي كل هذه العمليات يعتمد الفرد على أساليب للحصول على المعرفة أي على المعلومة.
فهناك حتمية علمية مفادها أن العملية المعرفية هي البحث عن العلاقة الوطيدة بين الجملة العصبية والمعرفية. فالإنسان يملك حوالي 14مليار عصبون ، وتنقسم العصوبونات إلى ثلاثة أنواع:
- عصبونات حسية
- عصبونات حركية
- عصبونات حسية حركية (مختلطة)
حيث يتكون الدماغ(المخ) من حوالي3 ملايين عصبون حركي بينما أغلب المخ يتكون من عصبونات مختلطة وهنا يكمن سر التفكير، فالعصبونات المختلطة متراصة بين جانبين حسي وحركي بحتيين وفيها تتم مختلف العمليات العقلية والمعرفية ، من بينها اللغة والتفكير .
فاللغة تعتمد على تكوينها عصبيا على بناء الحالة الذهنية التي تعتمد على مستويين في ذلك : الرموز واللغة، فبانتظام الرموز يسمح لها بأن تكتسب معنى .
*الانثروبولوجيا اللغوية: يهتم هذا الفرع من اللسانيات في فهم شكل الحياة الاجتماعية والثقافية ، في أي مجتمع على أساس بحث ودراسة البناءات والأنساق اللغوية السائدة في ذلك المجتمع ، ذلك أن اللغة ظاهرة اجتماعية ، كما أنها عنصر جوهري من عناصر الثقافة ، فالكلمة التي يستخدمها الإنسان تتكون من مجموعة معارف وتتألف من طائفة من الارتباطات تجمعت حولها، كما أن دراسة كيفية عمل الفكر عن طريق استخدام اللغة في أي ثقافة يعتبر أحد المجالات الكبرى في اللغويات الثقافية ذلك أن دراسة لغة أي مجتمع تعتبر مصدرا حقيقيا للحصول على المعلومات حول ثقافة ذلك المجتمع.
وقد امتد البحث الأنثروبولوجي إلى جوانب متعددة فاهتم الأنثروبولوجين بتسجيل اللغات التي تسود بعض الثقافات ، كما اهتم البعض منهم بتسجيل جوانب التشابه بين اللغات كلها وكذلك أوجه الاختلاف وعلى العموم تهتم الانثروبولوجيا اللغوية بالمجالات التالية :
- البحث في اللغة وكيفية ظهورها ، وتبيان تنوع اللغات في العالم وعبر الأزمنة
- كيفية استخدام اللغة في الحاجات اليومية ويطلق على هذا النوع من الدراسات"لغات الشعوب"
- البحث في اللغات التاريخية غير المكتوبة أي أعادة تركيب تاريخ اللغات غير المكتوبة.
- البحث في البناء اللغوي حيث تسجل القواعد التي تحدد كيفية وضع الأصوات والكلمات بعضها بجانب بعض أثناء عملية التعبير.
- البحث في اختلاف اللغات المعاصرة وتباين طريقة الحديث تبعا للمركز الاجتماعي.
*الجغرافيا اللغوية : يمكن تسمية جغرافية اللغة بـ:" تمييز اللهجات" أو اللغة حسب تموقعها الاجتماعي والحيزي .
مقدمة في عــلم اللسانيات
--------------------------------------------------------------------------------
اللسانيات أو اللغويات Linguistics هي العلم الذي يهتم بدراسة اللغات الإنسانية و دراسة خصائصها و تراكيبها و درجات التشابه و التباين فيما بينها . أما اللغوي هو الشخص الذي يقوم بهذه الدراسة.
تاريخ اللسانيات
يعود تاريخ اللسانيات المعروف لبضع آلاف من السنين، ويعود الدرس اللساني الأقدم توثيقاً للهند حيث لعبت العقيدة الدينية دوراً هاماً في التأسيس له حوالي 2500 ق.م حين لاحظ الكهنة أن اللغة التي يستخدمونها في شعائرهم تختلف عن لغة الفيدا Veda (النصوص المقدسة المصاغة بلغة الهند القديمة) واعتقدوا أن نجاح بعض الطقوس يحتاج لاستخدام اللغة القديمة مما يستلزم إعادة إنتاجها، فقام كاهن يُدعى بانيني Panini قبل ألف سنة من الميلاد بتقنين القواعد النحوية الحاكمة للغة السنسكريتية حتى يمكن استخدامها كلغة طقوس دائمة. بدأ الفلاسفة اليونانيون الاهتمام الأوروبي باللسانيات بدءاً بمعلمهم الأول أرسطو حين اهتموا بدراسة العلاقة بين الأشياء والأفعال وأسمائها للتعرف على القواعد التي تحكم اللغة وصاغوا مبادئ النحو، واهتموا في القرن الثالث قبل الميلاد بالدرس البلاغي فقسموا مفردات اللغة إلى أسماء متعددة الصيغ، وأفعال تحدث في أزمنة مختلفة، ثم حددوا (أشكالاً للخطاب).
التزم الرومان بالقواعد النحوية اليونانية في اللغة اللاتينية إلا أنهم توسعوا في الشروح المميزة للأساليب اللغوية اللاتينية ومجالات استخدامها، وتم تحديد أشكال الخطاب قياساً على بعض النصوص اللغوية كأعمال رجل الدولة والخطيب المعروف شيشرو Marcus Tullius Cicero في القرن الأول الميلادي، و بحلول القرن الرابع الميلادي صاغ اللغوي الروماني آليوس دوناتسAelius Donatus صيغ عامة للنحو اللاتيني، وشرح اللغوي بريسكيان Priscian هذه القواعد بعد مائتي سنة أي في القرن السادس الميلادي، وبقيت على ما هي عليه حتى الآن، واستخدمت كمعايير قياسية للغات الأوروبية الأخرى حتى القرن السادس عشر الميلادي تقريباً، وبقيت كتبها مراجع للغات الأوروبية التي ظهرت بعدها، وظلت اللاتينية الأكثر انتشاراً حتى شهدت نهاية القرن السابع عشر وبدايات الثامن عشر مع تحول اللغتين الإنجليزية والفرنسية إلى لغات عالمية احتلت موقع اللاتينية، وساعد على ذلك اختراع الطباعة الذي جعل نصوص هاتين اللغتين المطبوعة متوفرة بشكل كبير، ونشأ علم الصوتيات Phonetics الذي دفع علماء اللغويات للمقارنة بين اللغة السنسكريتية واللغات الأوروبية، وأدى إلى نشوء الدراسات اللغوية الهند أوروبية.
==اللسانيات المقارنة== COMPARATIVE LINGUISTICS أسس السير ويليام جونز William Jones علم اللسانيات المقارن في نهاية القرن الثامن عشر لدراسة وتحليل النصوص المكتوبة في لغات مختلفة لكنها ذات صلة، وأشار إلى وجود علاقة بين كل من اللغة اللاتينية، واليونانية، والسنسكريتية توحي بنشوئها من مصدر واحد نتيجة ما لاحظه من تشابه معاني (أصوات متشابهة) في اللغات الثلاث فعلى سبيل المثال كلمة frater اللاتينية، وكلمة phrater اليونانية، وكلمة bhratar في اللغة السنسكريتية تعني كلها (أخ) مما دفع بعض علماء اللسانيات لدراسة العلاقة بين اللغات المختلفة، والتفاعلات الناشئة عن حوار متحدثين من خلفيات ثقافية مختلفة، ومساعدة الراغبين في تعلم لغات غير لغتهم الأصلية بعدما.
واهتمت اللسانيات بدراسة كيفية تشكل كلمات اللغات المختلفة لتكوين معاني متشابهة، ومقارنة هذه اللغات وأطلق على عناصر تشابه اللغات مصطلح صلة القرابة genetic relationships وكون اللسانيون عائلات لغوية صاغوها على شكل (شجرة عائلة) لكل مجموعة من اللغات ذات المنشأ الواحد من أبرزها: شجرة اللغات الهند أوروبية: وتضم السنسكريتية، واليونانية، واللاتينية، والإنجليزية، والألمانية، ولغات أوروبية وأسيوية أخرى.
شجرة لغات الجونكوين Algonquian: لغات سكان أمريكا الشمالية الأصليين.
شجرة لغة البانتو: تضم اللغة السواحيلية، والهوسا، والزولو ولغات أفريقية أخرى.
شجرة اللغات الأفرو أسيوية: كانت تسمى اللغات الحامية السامية وهي العائلة اللغوية الأساسية السائدة في الشمال الإفريقي والشرق الأوسط،،وتنقسم إلى خمس عائلات فرعية هي: السامية، والبربرية، والمصرية، والكوشية، والتشادية،
تنتمي اللغة العربية إلى العائلة الفرعية للغات السامية التي تُقسم إلى أربع مجموعات:
المجموعة الأولى (مجموعة الشمال الأقصى) وتمثلها اللغة الأكادية (الأشورية البابلية) أقدم اللغات السامية الموثقة، وسادت بين النهرين خلال الفترة من عام 3000 ق.م حتى القرن الميلادي الأول.
المجموعة الثانية (مجموعة الشمال الأوسط) وتضم اللغة العبرية القديمة والحديثة، والأوغاريتية، والفينيقية، والآرامية، والسريانية التي تسمى أحياناً (الآرامية المسيحية).
المجموعة الثالثة (مجموعة الجنوب الأوسط) وتضم اللغة العربية الفصحى، واللهجات العربية الإقليمية الحديث، واللغة المالطية.
المجموعة الرابعة (مجموعة الجنوب الأقصى) وتضم لهجات جنوب الجزيرة العربية المنحدرة من أصول قديمة كلغة مملكتي معين وسبأ، واللغة الأمهرية، واللغة الإثيوبية التقليدية ولغات أثيوبية إقليمية مثل التيجري Tigré والتيجرينيا Tigrinya والجوراج Gurage.
وللتعرف على تاريخ انفصال لغات عائلة لغوية عن بعضها البعض يستخدم اللسانيون كلمات يسمونها (الكلمات الثوابت culture free) تتميز بخاصية الثبات وعدم التغير على مر الزمن كون أصحاب اللغة يقاومون تغيير هذه الكلمات لأن لها قيمة ثقافية خاصة مثل كلمات (أم ـ أب ـ أخ ـ رأس ـ عين ـ أرض .. الخ) فيقوم اللسانيون بجمع هذه الكلمات في قوائم كل قائمة تخص لغة معينة من العائلة اللغوية، ويجرون عليها عمليات رياضية إحصائية، يستخلصون من نتائجها التاريخ الذي انفصلت فيه هذه اللغات عن اللغة الأم.
الموضوع الأساسي في اللسانيات
لسانيات المقارنة
علم تأسس على يد السير ويليام جونز في نهاية القرن الثامن عشر لدراسة وتحليل النصوص المكتوبة في لغات مختلفة لكنها ذات صلة، وأشار إلى وجود علاقة بين كل من اللغة اللاتينية، واليونانية، والسنسكريتية توحي بنشوئها من مصدر واحد نتيجة ما لاحظه من تشابه معاني (أصوات متشابهة) في اللغات الثلاث فعلى سبيل المثال كلمة frater اللاتينية، وكلمة phrater اليونانية، وكلمة bhratar في اللغة السنسكريتية تعني كلها (أخ) مما دفع بعض علماء اللسانيات لدراسة العلاقة بين اللغات المختلفة، والتفاعلات الناشئة عن حوار متحدثين من خلفيات ثقافية مختلفة، ومساعدة الراغبين في تعلم لغات غير لغتهم الأصلية، واهتمت اللسانيات بدراسة كيفية تشكل كلمات تكون معاني متشابهة في لغات مختلفة، وعمل دراسات مقارنة على هذه اللغات، وأطلق على عناصر التشابه بين اللغات مصطلح صلة القرابةgenetic relationships وكون اللسانيون من كل مجموعة من اللغات ذات المنشأ الواحد عائلة لغوية صاغوها على شكل (شجرة عائلة) من أبرز هذه العائلات: شجرة اللغات الهند أوروبية: وتضم السنسكريتية، واليونانية، واللاتينية، والإنجليزية، والألمانية، ولغات أوروبية وأسيوية أخرى. شجرة لغات الجونكويان Algonquian: لغات سكان أمريكا الشمالية الأصليين. شجرة لغة البانتو: تضم اللغة السواحيلية، والهوسا، والزولو ولغات أفريقية أخرى. شجرة اللغات الأفرو أسيوية: كانت تسمى اللغات الحامية السامية وهي العائلة اللغوية الأساسية السائدة في الشمال الإفريقي والشرق الأوسط،،وتنقسم إلى خمس عائلات فرعية هي: السامية، والبربرية، والمصرية، والكوشية، والتشادية، وتنتمي اللغة العربية إلى مجموعة من أربع مجموعات تُقسم إليها اللغات السامية: المجموعة الأولى (مجموعة الشمال الأقصى) وتمثلها اللغة الأكادية (الأشورية البابلية) أقدم اللغات السامية الموثقة، وسادت بلاد ما بين النهرين خلال الفترة من عام 3000 ق.م حتى القرن الميلادي الأول. المجموعة الثانية (مجموعة الشمال الأوسط) وتضم اللغة العبرية القديمة والحديثة، والأوغاريتية، والفينيقية، والآرامية، والسريانية التي تسمى أحياناً (الآرامية المسيحية). المجموعة الثالثة (مجموعة الجنوب الأوسط) وتضم اللغة العربية الفصحى، واللهجات العربية الإقليمية الحديثة، واللغة المالطية. المجموعة الرابعة (مجموعة الجنوب الأقصى) وتضم لهجات جنوب الجزيرة العربية المنحدرة من أصول قديمة كلغة مملكتي معين وسبأ، واللغة الأمهرية، واللغة الإثيوبية التقليدية ولغات أثيوبية إقليمية
الكاتب : د. مدحت الجيار
(1)
تعيش اللغة العربية ــ شأنها شأن كل لغات العالم ــ تغيراً مستمراً بفعل الحراك الاجتماعي والثقافي، وبفعل التغاير الذي يصنعه المبدعون في لغتهم الخاصة. إذ يقدم هؤلاء المبدعون لغة خاصة تخلق سياقات جديدة لمفردات اللغة، وتسبك تراكيب خاصة في صياغة الجمل والعبارات.
(1) تعيش اللغة العربية ــ شأنها شأن كل لغات العالم ــ تغيراً مستمراً بفعل الحراك الاجتماعي والثقافي، وبفعل التغاير الذي يصنعه المبدعون في لغتهم الخاصة. إذ يقدم هؤلاء المبدعون لغة خاصة تخلق سياقات جديدة لمفردات اللغة، وتسبك تراكيب خاصة في صياغة الجمل والعبارات. بما يخلق ثراءً واضحاً في معجم اللغة وبلاغتها ومعانيها وتراكيبها. ويفرض هذا الأمر ضرورة معاودة النظر في التراث النظري من اللسانيات الموروثة، أو السابقة على النص الحديث، وموازنته بالإبداعية الجديدة التي تغنى هذا التراث النظري وتطوره. وتظهر هنا إضافة لسانيات جديدة، يخلقها النص على المستوى اللغوي والبلاغي، تضاف ــ بالطبع ــ إلى ما يحمله النص السابق أو الثابت. وهنا يصبح واضحاً أن اللسانيات النظرية تمد النص بموروث ثابت نسبياً أي تعطيه اللبنة الأولى، ثم تعطى له حرية الحركة في الكتابة والتجديد والتحديث. فيغتني النص بموروث قديم وحديث ــ كدافع متطور ــ من التراث مثل الموجات المتسابقة ويغنى النص الحديث النص القديم ثم الفكر اللساني بما هو جديد. وكأننا نقول أن لغتنا العربية تملك أكبر ثروة من اللسانيات القديمة والحديثة، على المستويين: النظري والنصي. لأنها امتلكت النص الشعري طوال أكثر من ألف عام وخمسمائة. والنص الشعري أعطاها ــ عبر العصور ــ نحواً جديداً، وبلاغة جديدة، كانت تعدل دائماً من اللسانيات النظرية، وتعطى قضايا جديدة، وتراكيب ومعجماً جديداً حتى أن الضرورات الشعرية التي أعطيت للشاعر العربي طوال تاريخه رخصا (في النحو والعروض والصرف بخاصة) وكانت إشارة لهذه القدرة الشعرية اللسانية على العطاء. ونظرة سريعة إلى منجزات لغة الشعر في لغتنا ولغات الآخرين سوف تكشف عن قدرة خاصة ومذهلة للشعر على تحريك الثابت النسبي، وهز التقاليد اللسانية وهجر ما تمجه الذائقة. يتم ذلك في لحظة واحدة. وتتبعنا لنشأة علوم النحو والصرف والبلاغة واللغة (لدينا) تكشف العلاقة (الصراعية) بين منجز اللسانيات النظرية ولسانيات النص العربي. حتى أننا نستطيع القول: إن علم اللسانيات العربي القديم ــ وقد تأثر بعلوم اللسانيات اليونانية ــ لم يجد غضاضة في إضافة لسانيات "أرسطية" إلى لسانيات النص العربي. ثم كان النص الشعري ثم النثري قد أضاف هذه الإضافات مرة أخرى بعد استعمالها وشيوعها على الألسنة. إننا أمام الثابت النسبي، والمتحول المبدع، في حالة من الاغتناء المتبادل، مما يعطي للإنسان فرصة العطاء المبدع والتجديد والتنوير اللغوي. ولا يبعد عن هذا الكلام ما رآه يكبسون من العلاقة المدهشة بين (نص النحو) و(نحو النص) أو ما يراه سوسير من التجدد المدهش للشفرة اللغوية أو العلاقة اللغوية التي تغير النظام الإشاري والرمزي للغة النص السابق وتعيد صياغة النظام اللغوي باستمرار. وليس الأدب والشعر ــ بخاصة الشفهي ــ أقل خطراً في هذه العملية، بل هو رأس الصراع الدائم بين اللسانيات النظرية ولسانيات النص المتحرك الدائم. ولهذا نجد التصرف الهائل في النحو والصرف والعروض والأصوات بلا حدود في النصوص الشفهية، لأنها لا تتعامل ــ مباشرة ــ مع اللسانيات النظرية، بل ترفضها ــ في كثير من الأحيان ــ وبالتالي ففي الشعر الشفاهي ثم ما كتب وقيد منه تحت اسم الشعر الشعبي ثم النثر الشفاهي والشعبي المدون منه، كلاهما يحمل تنوعاً بلا نهاية. إنه ذلك النص (الحر) غير الخائف من تسلط اللسانيات النظرية. وهو لا ينتظر التقييم أو النقد، لأنه يؤدي بمعزل عن الفئات المثقفة أو المتصلة بلسانيات نظرية ما. ونظرة سريعة على مقولات أرسطو في فن الشعر أو فن الخطابة ثم نظرة إلى ما يقوله عبدالقاهر الجرجاني أو ابن جنى أو ثعلب أو حازم القرطاجني، سيري، التواصل الضخم في اللسانيات النظرية بل سيري المتابع التأثير الشديد للنص الشعري والنثري بل القرآني على هذه اللسانيات النظرية. وعندما تتقدم في التاريخ العربي للإبداع سنجد أن فترة صعود النصوص الشفاهية والشعبية قد أضافت ثراءً ظهر أثره في الإبداعية العربية في القرن العشرين ثم في اللسانيات النظرية في الوقت نفسه. ولابد أن نراعي في هذا السياق أن مناهج الدرس اللغوي والنقدي والأسلوبي لم تنفصل عن بعضها البعض، وبالتالي ظهرت الإشكالية فيما بين الأجيال الشعرية والسردية في النص الجديد، ومعرفة لسانياته وهو ما دخل تحت ما أسميناه في دراستنا المعاصرة "النقد التطبيقي" أو اللسانيات التطبيقية. وهذه صاحبة الفضل في معرفة الفوارق الفنية بين لسانيات سبقت ولسانيات نصوص معاصرة. الأمر الذي يشير لأهمية عمل المعاجم النوعية للشعر والنثر، والمعاجم المرحلية (التي تهتم بلسانيات ومعجم كل مرحلة تاريخية) كما تشير لأهمية الدراسة اللسانية المعاصرة بعد الاغتناء الضخم من علوم اللغة الحديثة وتفجر النص العربي، وتفجر الواقع اللغوي المعاصر عبر وسائط التكنولوجيا الحديثة، ابتداءً من البث الفضائي إلى الكمبيوتر وشبكات الانترنت وتداخل النصوص المتوازي مع تداخل الأجناس والاستنساخ والوصول لرقائق صوتية وفنية لم نكن نستطيع قياسها من قبل بالطرق غير المتقدمة. وهذا ما جعل اللسانيات تتواصل مع علوم أخرى بلاغية ونقدية وأسلوبية. ثم تداخل اللسانيات مع المنجز التكنولوجي. وقد تواصل النص الأولى بجمالياته الموروثة والجديدة مع الوسائط نفسها ومع الحقول والعلوم نفسها. مما يجعلنا ننادي بضرورة وجود علم لسانيات تطبيقي، مستقل (وصفي تحليلي). وتتحرك هذه الأفكار كلها ــ الآن ــ على خلفية تقدم علم اللغة (اللسانيات) وكونه أصلاً في العمل لأي دارس في أي اتجاه. لغوي، بلاغي، جمالي نقدي. وكما يقول محمد الحناش فإن "دور اللسانيات الحديثة، هو إعادة هيكلة قواعد النحو العربي (بمفهومه الواسع طبعاً) من منظور جديد، فتقدمها بطرق أخرى تكون أكثر ملاءمة مع التطور الذي حصل في المجتمع العربي. وهذا المنهج لا يعني الانتقاص من قيمة التراث اللغوي (اللساني) بل تأكيد لقيمته.."(1) نجد ثراءً (بالقوة) في هيئات وتراكيب وأجرومية النص العربي.. وهي موجودة الآن (بالفعل).. وللغة قدرتها المستمرة وحياتها الدائمة وحركتها التي لا تتوقف لأنها لغة الإنسان.. هل نعود لحديث سوسير الذي يفرق بين اللغة والحديث؟!. (2) ومهما يكن من أمر البدايات الاعتباطية في نشأة اللغة أو في نشأة الأدب، ثم ظهور القواعد والمحددات.. فإن عمل اللسانيات يبدأ من اكتمال اللغة ونضوج أدبها.. لأنه يهدف إلى تقصيد اللسان ووصف أنظمته الصوتية والدلالية والمجازية في آن واحد.. وهذه الأنظمة ليست خالدة بالطبع، فإن الاستعمال يحولها إلى هياكل وهيئات واستخدامات صعبة.. وعندما تتجه اللسانيات إلى السهولة والتيسير أو إلى نقلها لغير الناطقين بها، أو حين يستخدمها الناس العاديون الذين يستهلكون اللغة ولا ينتجون لسانها. عند هذه الحدود تتغاير اللغة في النص عن اللغة في النظرية.. ونشير هنا إلى أن اللسانيات النظرية تتغير وهي تتعامل مع لسانيات النص.. وهذا النص قد يكون جملة شفاهية، أو جملة مكتوبة، موروثة أو آنيه، قديمة أو جديدة.. ولهذا تبدأ اللسانيات من لسانيات النص بشكل عام، وتقف عند لسانيات الأدب والشعر بخاصة وقفة مليئة بالحذر والصبر، ففيها مفتاح التطور والتغير. وهذه إشارة إلى أن لسانيات النص تعني لسانيات الأدب ــ كما قلنا ــ وبالتالي فهي تتعامل مع لسانيات لها مرجع وجذور اجتماعية ونفسية وتاريخية وفنية.. وأن الرسالة ليست غفلاً وليست شفافة بل هي كما يقول البنيون التوليديون رسالة أو لسان له بنيته السطحية (الرسالة من الخارج) وبنيته العميقة (الرسالة من الداخل أو الباطن العميق). ومن ثمّ فهناك في لسانيات النص مستويات لا حصر لها في الدلالة والتركيب خاصة حين يتلاعب الإيقاع أو يتلاعب المعنى بتركيب النص أو حين يجعل المجاز الجملة أو النص مثل الموجات الدلالية يستوعب منها المرسل والمستقبل على قدر مخزونة، وقدر فهمه.. أعني أن قدرة الأداء قد تختلف عن قدرة التلقي، ويصبح هذا الفارق لصالح النص المرسل. "وشأن البنيوية في اللسانيات كشأنها في فروع الدرس العلمي الأخرى؛ إنها تعني –ابتداءً- مقاربة جديدة لحقائق معروفة بالفعل يعاد النظر فيها طبقاً لوظيفتها في النظام.. ويتضمن الموقف البنيوي –بالإضافة إلى ذلك- إلحاحاً على الوظيفة الاجتماعية (التواصلية) للغة، وتمييزاً واضحاً بين الظواهر التاريخية والخصائص المميزة للنظام اللغوي في لحظة زمنية بعينها..".(2) والنظام اللساني المنطوق أو المكتوب بنية متولدة من بنية أكبر منها، لأن العلاقة بين البنيتين تمثل حالة وضع الشفرة بين المرسل والمرسل إليه وتحمل دلالة الشفرة لدى كليهما.. وهذا ما جعل حلقة براغ اللسانية ترى أن "اللغة المكتوبة واللغة المنطوقة لا تنطبقان، ولكل منهما خصائصه المميزة.. ولابد إذن من فحص العلاقة بين لغة الكتابة ولغة النطق".(3) وساعدت الرؤية النفسية على تعميق لسانيات النص وأكملت ما تراه الرؤى الاجتماعية والبنيوية التوليدية حيث تجد اللسانيات النفسية "الإنسان أثناء عملية التواصل. ومن ثمّ يشمل مجال الاهتمام المباشر لهذا العلم: الظواهر العضوية والنفسانية لإنتاج الكلام وإدراكه، والمواقف العاطفية والذهنية تجاه حدث بعينه من أحداث التواصل، والخلفية الثقافية والاجتماعية التي تشكلت نفسية الفرد في مواجهتها.."(4) وبالتالي تكون لغوية النص واجتماعيته ونفسيته وفنيته موضوعاً متكاملاً عند النظر إلى النص من زاوية لسانيات النص. ذلك أن هذه العلوم الحديثة قد أحدثت ثورة في النظر إلى مكونات اللسان: الصوتي والدلالي والتركيبي والمعجمي والمجازي والرمزي. وجعل هذا التقدم النظر إلى اللسانيات القديمة نظرية ونصاً، يدين الماضي دون اتهام بالتقصير. لأن موروث اللسانيات النظرية في العالم كله، لم يكن قد تدعم بإنجازات العلم المعاصر بعد. وبالتالي أصبح للسانيات النص الغلبة في اللسانيات المعاصرة خاصة أنها فتحت النص على منافذ وساحات لم يكن اللسان القديم قد توصل إليها أو إلى تأثيرها في اللسانيات النظرية أو لسانيات النص بعد. ولو قارنا اللسانيات النظرية في أي لغة، بلسانيات أحد نصوص الأدباء الراسخين لوجدنا الفارق واضحاً. ولا نستطيع أن نحكم هنا بخطأ أو نقصان لسانيات النص، بل نحكم عليها بالمخالفة للمعيار السائد أو الموروث، أو نحكم عليها بما نصفه بالانحراف عن المعيار اللساني النظري. ذلك أن قيمة النص ولسانه لن يخضع لحكم القيمة في البداية لأنه يحتاج إلى عدة خطوات علمية تمكنا نحن الباحثين والنقاد والبلاغين من معرفة درجة الاقتراب من اللسان النظري ومدى إضافة اللسان النصي له. فوصف مكونات النص (الهيكل اللغوي وعلاقاته) يمهد لتحليله، ثم تقييمه ثم الحكم عليه حتى نصل إلى معرفة درجة انحرافه أو إضافته.. فيوضع النص ضمن تصنيف لغوي وفني ونقدي أدبي يساعد في رصد الظواهر النصية الجديدة. وتقف اللغة المجازية بكل فنونها كجوهر للتغيير والتثوير اللساني الذي يعطي للسانيات النص حيويته الدائمة.. لأن أحد أهداف صاحب هذا النص خاصة، أن يخالف السائد والموجود والموروث ليفسح مجالاً لنصه كي يعيش بين النصوص المتميزة داخل آداب هذه اللغة أو داخل سياق هذه الأمة الحضاري. ويهمنا أن نشير إلى مقولة تودوروف في هذا السياق لأنه يرى "أن اللغة المجازية تتعارض مع اللغة الشفافة لكي تفرض حضور الكلمات وأن اللغة الأدبية تتعارض مع اللغة المشتركة لكي تفرض حضور الأشياء. فوجود خصم مشترك يفسر صلة القرابة بينهما.. ويفسر في الوقت نفسه، الإمكانية المتاحة لهما لكي تستغني أحداهما عن الأخرى. ويستخدم الأدب الصورة البلاغية كسلاح في صراعه مع المعنى المحصن، ومع الدلالة المجردة اللذين استوليا على الكلمات في الحديث اليومي ويتحقق هذا التعاون بشكل مختلف في النثر عنه في الشعر...".(5) وهذا ما جعل البلاغة والدرس البلاغي يقف على أرضية صلبة لأنها تتعامل مع النصوص، وليس مع تأملات نظرية مجردة كذلك ارتبط علم البلاغة العربية بالنص منذ بداياته حتى الآن. فمن النص الشعري كمفسر للغة النص القرآني.. إلى بلاغة النص القرآني حالة كونه متسقاً من ناحية مع لغة العرب آن نزوله، وحالة كونه مخالفاً لها في بعض الجوانب المعجمية والبلاغية والنحوية التي لفتت الأنظار إلى ضرورة تبيان الفارق ودراسته. وبالتالي كان اشتمال علم البلاغة على البيان والبديع والمعاني مستفيداً من أساسيات النحو والصرف واللغة والمعجم والأساليب العربية.. كان ذلك اشتمالاً طبيعياً فقد كان علم النص المقدس الذي يحوي كل العلوم الأساسية المساعدة له، والشارحة المؤولة للنص العربي.
________________________________________________
** هوامش:
1- محمد الحناش، البنيوية في اللسانيات، الحلقة الأولى، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1980م، ص6.
2- ميلكا إفيتش، اتجاهات البحث اللساني، ترجمة سعد مصلوح، ووفاء كامل، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، ص193.
3- المرجع السابق، ص249.
4- المرجع السابق، ص309.
5- تزيفتان تودوروف، الأدب والدلالة، ترجمة محمد نديم خشفة، مركز الإنماء الحضاري، الطبعة الأولى، 1996م، ص117.
+
كتاب اللسانيات
+
المعجم الموحد لمصطلحات اللسانيات
.
المدارس اللسانية
--------------------------------------------------------------------------------
زين العابدين سليمان: أول مدرسة لغوية حديثة هي مدرسة سوسير باسم مؤسسها فرناند دي سوسير وبعض اللغويين يحلو لهم تسميتها مدرسة (جنيف) غيرت هذه النظرية طبيعة التفكير اللغوي، ووضعت حدا فاصلا بين عهدين من الدراسة اللغوية،عهد الدراسة التقليدية الممتد من زمن الأغريق حتى بداية القرن العشرين،وعهد الدراسة الحديثة التي بدأت مع ظهور مدرسة سوسير، لقد قامت نظرية سوسير في دراسة اللغة على منهج جديد يستند الى أسس محددة، ويتسم بسمات مخصوصة، لعل أهمها،هو النظر الى اللغةعلى انهانظام من العلامات اللغوية،يرتبط بعضها ببعض بشبكة من العلاقات،أوهي مجموعة عناصر متشابكة،لاينعزل فيها عنصر عن عنصر اخر داخل هذا النظام،فأذا خرج عنصر من الشبكة،ولم تكن له علاقة بغيره،فقد قيمته.
ونتيجة لنظرة سوسير هذه الى النظام اللغوي،وما يكونه من العناصر،فقد وقف بعمله اللغوي عند حدود الوصف والتحليل والتفسير بطريقة علمية موضوعية.
ولناعودة مع مدرسة لسانية اخرى ان شاء الله.
المدرسة اللغوية الثانية
مدرسة(براغ)،فقد أفادت هذه المدرسة كثيرا من أصول مدرسة سوسير،لكنها غيرت بعض الأصول وطورت بعضها الاخر.
وكان من أشهرمؤسسي مدرسة براغ(نيكولاي تروبتسكوي ت 1938)و(رومان ياكيسون ت1982).
لقد وضعت هذه المدرسةنظرية كاملة في التحليل الفونولوجي،وأقامت هذه النظرية على تصور خاص للفونيم،ولم يكن هذا التصور الا منبعثا من ثنائية سوسير المعروفة وهي (اللغة)و(الكلام)
فالفونيم عند (تروبتسكوي)يكون مرة من (اللغة)بوصفها نظاما متعارفا عليه في بيئة معينة، ويكون مرة أخرى من (الكلام)الذي هو ممارسة فعلية فردية للفرد..
والفونيم هنا يدرس ضمن فرع من علم اللغة هو (علم الأصوات اللغوية)،وحين يكون الفونيم من الكلام فأنه ينضم الى غيره من الوحدات الصوتية الأخرى لبناء مفردة معينة،يكون لها معنى خاص وللفونيم هنا تكون له وظيفة لغوية وأثر في المعنى،فأذا استبدلنا وحدة صوتية أخرى اختلف معنى المفردة وصارت كلمة اخرى، ومن الأمثلة على ذلك الفونيم(ن) الذي يكون معزولا عن غيره ويكون مرة أخرى عنصرا من عناصر الحدث الكلامي، وذلك اذا أنضم الى غيره وتألفت مفردة،
كقولنا(نام) اذا استبدلنا به(ق) اصبحت المفردة(قام) فقد تغيرت الكلمة واصبح لها معنى اخر
إن السمة المميزة في اللسانيات المعاصرة هي البنيوية،ولقد كرست اللسانيات المعاصرة لوصف نظام اللغة،انطلاقا من اللغة/اللغات،فاللغة لم تظهر كتطور،كتاريخ،ولكن من حيث إنها بينة ذات قوانين وقواعد وظيفية.فالأمر هنا يتعلق بتحليل بنيات الدلالة،أو تحليل التغيرات الداخلية لبنية تتحول دون البحث عن أصلها،وتتبع تطوها.
لقد انطلقت اللسانيات البنيوية انطلاقا من "محاضرات اللسانيات العامة"لسوسير،وانطلاقا من أعمال مشتركة لمدرسة براك،و التي تفرعت بدورها إلى عدة تيارات منها مدرسة كوبنهاجن.
1-البنيوية الأوربية:
يعتبر سوسير أول من قال بأن اللغة نظام من العلامات،أي أن اللغة مجرد نسق منسجم،وهو بذبك يمثل فهما للواقع الخارجي،غير أن الفيلسوف هوسرن يذهب إلى أن اللغة تُوضع عبر نظام المنطق الذي يعطي الاستواء للتنظيم اللغوي،كما يدرس نظام اللغة و مورفلوجيا العلامات،و القواعد التي تمكن من تأسيس كلام ذو معنى.
ويذهب سوسير إلى أن اللغة ظاهرة اجتماعية نفسية.وهكذا تعامل سوسير مع اللغة كموضوع للدرس اللسني،وذلك من خلال المبدأ القيم،وهو دراسة اللغة في حد ذاتها،و لذاتها.هكذا يبدو لنا ابتعاد سوسير عن الاعتقاد الذي كان سائدا في القديم.حيث إن اللغوي القديم،كان يدرس اللغة لا من أجلها،ولكن من أجل غايات غير لغوية.
أما لفي ستراوس،فينظر إلى دراسة سوسير للغة بوصفها نسقا مستقلا بذاته،نسقا يقوم على التشبت بعلاقة فاعلة تصل مكونات العلامة اللغوية،أي تصل بين نسق اللغة و الكلام الفردي من جهة،و بين الصورة الصوتية(الدال) والمفهوم(المدلول) من جهة ثانية.
*-مدرسة براغ:
من بين الفرضيات العامة لمدرسة براغ نجد ما يلي:
-اعتبار اللغة كنظام وظيفي،وذلك لأن اللغة الناتجة عن العمل اللساني إنما هي نظام لوسائل التعبير،حيث الهدف و تحقيق مقاصد كل متكلم في التعبير و التواصل.
-التأكيد على أن أحسن طريقة لمعرفة جوهر اللغة هو التحليل السانكروني لضمان الفعلية.
-على اللساني الاهتمام بالدراسة الفونيتيكة، و الدراسة الفونولوجية للنظام اللغوي.
يعتبر "تروبتسكوي" المشرع الحقيقي لأفكار مدرسة براغ،كما ساعده وطور مفاهيمه "ياكبسون"،إذ انصب اهتمامهما حول النظريات الفونولوجية.وعموما فمدرسة براغ مرتبطة بسوسير و مبادئه الأساسية؛إذ تنطلق المدرسة من تقسيم سوسير للغة و الكلام،كما يردد تروبتسكوي فكرةَ سوسير حول اعتبار اللغة نظاما يوجد في وعي أعضاء الجماعة.
*-مدرسة كوبنهاجن:
تعتبر هذه المدرسة،أهم التيارات البنيوية الحديثة في اللسانيات.وقد عرفت هذه المدرسة بالكلوسيمائية التي اعتمدت المنهج التحليلي و الاستنباطي،وقد درست اللغة أيضا على أنها صورةforme و ليست مادة substance، و اعتبرت اللغة حالة خاصة من النظام السيميائي.
ومن اللسانيين المتقدمين في مدرسة كوبنهاجن،نجد "بروندال"،الذي حاول إيجاد المفاهيم المنطقية و الطبيعية داخل اللغة،وقد كتب في "أقسام الكلام" أن فلسفة اللغة لها موضوع، وهو البحث عن عدد المقولات اللسانية وتحديدها.أما يمسليف، فقد كان شارحا لآراء سوسير،إذ كانت آراؤه عبارة عن نظريات سوسيرية،خاصة فيما يتعلق بالعلامة اللغوية، أو العلاقات،أو صورية اللغة.وذلك أنه انطلاقا من التصور المنطقي،الصوري للغة،يجب وجود نظرية للعلامة.
2-البنيوية الأمريكية: لقد اتجهت البنيوية الأمريكية نحو اللسانيات البنيوية الشائعة،انطلاقا من أعمال كل من "بواس"،و"سابير"،و "بلومفيلد".
يرى سابير أن اللغة عمل اجتماعي تواصلي،و إنتاج تاريخي.و اللغة،أيضا، تمثيل للتجربة الواقعية،وهو بذلك يقدم تصويرا ماديا للغة،ذلك أنه اعتبرها انعكاسا للمحيط،يشكل سابير تصورا بنيويا للغة و ذلك من حيث إنها بنية،فهي تؤسس قالبا للفكر.
إن التصور السلوكي للغة عند بلومفيلد،يعود إلى الترسيمة المشهورة:"مثير/استجابة".ذلك أن بلومفيلد يدرس التصرف الإنساني كمجموعة من المثيرات و الاستجابات،وذلك ليشرح على ضوئها الظواهر اللغوية،فالمثير هو حدث واقعي يمكن أن يتوسط من خلال الخطاب،فهو إذن يعوض حركة شفوية"الكلام"أي الاستجابة التي نتجت عن الموجات الصوتية التي أنتجها المتكلم عبر الهواء.
وانطلاقا من بلومفيلد،تعرضت البنيوية الأمريكية لوصف البنية التركيبية،كما درست المكونات المباشرة دون تسميتها،ولكن أشار إليها بواسطة الأقواس.
كما يذهب "هاريس" إلى أن الجملة تجزأ إلى مجموعة عناصر أو مركبات،تسمى بالمكونات المباشرة للجملة،وهذه الأخيرة تقسم هي بدورها إلى متواليات صغرى تسمى بالمكونات المباشرة للمركب،وتستمر العملية إلى أصغر المكونات للجملة، و هي :المورفيمات
.
فروع اللسانيات :
*اللسانيات الآنية: هو فرع من فروع اللسانيات الذي يهتم بدراسة خصائص اللغة ومميزاتها في فترة زمنية محددة وفي بقعة مكانية محددة، فيقال مثلا: دراسة اللغة العربية في العصر الجاهلي، الأندلسي، الأموي، أو دراسة اللغة الفرنسية في العصر الحديث.
*اللسانيات التاريخية: هو فرع من فروع اللسانيات الذي يهتم بدراسة التغييرات والتحولات في اللغة في فتراة مختلفة وأماكن مختلفة فيقال مثلا: اللغة في العصر الجاهلي والحديث.
*اللسانيات التطبيقية: هو فرع من فروع اللسانيات الذي يهتم بتطبيق المعلومات والنظريات المتوصل إليها في مجال اللغة وتطبيقها على الواقع، ومن أشهر التخصصات الموجودة في اللسانيات التطبيقية نجد علم النفس اللغوي، علم الاجتماع اللغوي، الأنثروبولوجيا اللغوية….الخ
*اللسانيات التحويلية: هي اللسانيات التي أتى بها نعوم تشومسكيN. Chomsky (وهو عالم لغوي وسياسي أمريكي اشتهر بالنظرية التوليدية في اللغة) ومفادها أن الإنسان يُوفق فطريا على النحو الخاص بلغته، وهذه المعرفة الفطرية تتطور باستمرار، ومن خلالها يستطيع توليد كل جمل لغته(عدد غير منته من الكلمات).
*علم الدلالة:Sémantique إن الدلالة أو المعنى من أكثر المصطلحات غموضا وإثارة للجدل ، وعلم الدلالة هو ذلك الفرع من فروع علم اللغة الذي يتناول نظرية المعنى، أو هو العلم الذي يدرس الشروط الواجب توفرها في الرمز حتى يكون قادرا على حمل المعنى ، ويعتبر توصيل المعنى هو الهدف الرئيسي للغة(جمعة سيد يوسف-1998-) فالناس يتحدثون لتوصيل معنى أفكارهم للناس.
ويبين ابن فارس أن هناك ثلاثة مستويات للمعنى :
- المعنى : مشتق من عنيت أي قصدت بالكلام كذا وكذا
- التفسير : التفصيل بالشرح وإظهار ما ستر أو خفي
- التأويل : هو آخر الأمر وعاقبته
ويرى الجرجاني أن المعنى أو الدلالة هو صور ذهنية وله عدة أنواع منها :
- المعنى الأساسي : وهو المعنى المتصل بالوحدة المعجمية
- المعنى الإضافي : المعنى الإشاري
- المعنى الأسلوبي : المعنى الخاص بالفروق الاجتماعية والمنطقة الجغرافية
- المعنى النفسي: هو معنى فردي خاص بالمتحدث
- المعنى الإيحائي: ويخص الاستخدامات المجازية
*علم المصطلح(المفردات المعجمية): هو العلم الذي يدرس الحصيلة اللغوية أي La Vocabulaire
* علم النحوSyntaxe: هو العلم الذي يدرس القواعد اللغوية أي كيف ترتبط العناصر ووحدات اللغة عندما تذكر معا في الكلام.
* علم الصرف Morphologies: هو العلم الذي يدرس التغيرات التي تحدث على الأفعال والأسماء عندما تصدر عن الإفراد، المثنى ، والجمع
*البرغماتية : هو العلم الذي يدرس الاستعمال الحقيقي للغة في الواقع ، بمعنى كيف يستعمل الإنسان لغته ليتحصل على ما يريد ، فاللغة أساس مهم في الحياة الاجتماعية بكل تفاصيلها وعلى أساسها يتم التواصل وتوطيد سبل التعايش فيها، فهي وسيلة الإنسان للتعبير عن حاجاته ورغباته وأحاسيسه ، ومواقفه وطريقة تعايشه وإرضاء غريزة الاجتماع لديه، فالفرد يعتمد على ما لديه من قدرة لغوية لتحقيق مآربه كما ذهب في ذلك هيقل في مقولته الشهيرة:" إن اللغة هي منزل الكائن البشري"ويقصد بالبرغماتية النفعية وهو مصطلح شائع الاستعمال في مجالات مختلفة فلسفية،لغوية، سياسية… وظهر التيار البرغماتي أول الأمر ضمن المدرسة اللغوية الأنجلوساكسونية وكان يعني به النفعية في اللغة أي " معرفة السيرورات اللغوية والعمليات النفسية التي تتم بين الأفراد عندما يكونوا في عملية اتصال فيما بينهم" .
وترى البرغماتية أن للغة وظيفة هامة في حياة الإنسان حيث تسمح له منذ الطفولة المبكرة أن يشبع حاجاته ويعبر عن رغباته وما يريد الحصول عليه من البيئة المحيطة .
من أشهر علماء البرغماتية أوكسفورد Oxford، جون أوستان J.Ostin وسورل J.Searle…الخ وكان شال بيرس C.PEIRCE أول من استخدم كلمة بارغماتية وكان ذلك سنة 1978 في مقال بعنوان"كيف نوضح أفكارنا" ، وقد قام علماء البرغماتية بتحليل اللغة برغماتيا فوجدوا أن لها ثلاثة أفعال ممكنة هي :
- الفعل اللفظي: أي القيام بفعل الكلام بتجربة وذلك عن طريق تحريك جهاز النطق وبالتالي فالكلام هنا يعني تقديم معلومات معينة عن طريق العملية الحركية لجهاز النطق.
- فعل سلوكي: ويسمى أيضا " فعل ما وراء النطق " والذي يتمثل خاصة في أن الكلمات التي ينتجها المتكلم في بنية نحوية معينة منتظمة محملة بمقاصد معينة في سياق محدد تعمل على تبليغ رسالة وتحدث أثر عند المتلقي أو المستمع، بمعنى آخر الفعل السلوكي يتمثل في طبيعة الكلام من أوامر ونواهي تنتج عن هذا الفعل ، مثلا "لا تفتح الباب ، استمع بصمت ، اذهب لفلان…الخ
- فعل غرضي : ويسمى أيضا "الفعل القصدي أو الإيعازي" والذي يقصد به أن المتكلم حين يتلفظ بقول ما فهو ينجز معنى قصديا أو تأثيرا مقصودا ، وهو ما يسميه العلماء"قوة الفعل"، وقد اشترط اوستان AUSTINلتحقيق الغرض أو المعنى الإيعازي ضرورة توفر السياق العرفي المؤسساتي لغة ومحيطا ، بمعنى أدق الفعل الغرضي هو أنه عن طريق الكلام يحاول الشخص الوصول إلى غرض معين من الكلام كالاقتناع بفكرة معينة ، أو فهم مضمون معين .
*الفونيتيك: يسمى أيضا علم الصواتة أو الأصوات العام، يهتم علم الفونتيك بدراسة اللغة الصادرة بواسطة الصوت وسيرورات التواصل المنطوق ودراسة الخصائص الفيزيقية للصوت فتحدد طابعه ونبرته ( نغمته) وحدته وإيقاعه … وغيرها.
والفونتيك له ارتباط كبير مع الأرطفونيا ففي حالة اضطرابات النطق لا بد من إيضاح الطريقة التي بنطق بها المريض أصوات اللغة ومعرفة أين تكمن اضطرابات النطق عنده.ولكي يستطيع الأرطفوني أو اللساني القيام بهذا لا بد أن يلم بمعارف كافية في الفونتيك بمختلف فروعها.
* الفنولوجيا: ويسمى أيضا الفونتيك الوظيفية أو علم الأصوات الوظيفي، الفونولوجيا هو الدراسة العلمية لأنساق أصوات اللغة الطبيعية وتتمثل في بحث ودراسة أصوات اللغة من وجهة نظر وظيفتها داخل انساق لاتصال اللغوي. فالفنونولوجيا هو تحليل الاستعمالات المتنوعة لجملة الأصوات الوترية في لغة معينة ووضع أنساق تقابل سمات هذه اللغة ( نظامها اللغوي).
وكما يلاحظ فان الفونتيك والفونولوجيا لهما نفس الوضع وهو الأصوات ولكن يختلفا في أسلوب تناول ومقاربة هذه الأصوات فالفونتيك عامة تهتم بالأصوات من الناحية الفيزيائية دون الاهتمام بوظيفتها في لغة معينة وهي أيضا وصفية وتصنيفية، أما الفونولوجيا هي خاصة ( تأخذ لغة أو لغات معينة) ووظيفية، أي تنظر في وظيفة أو عمل أو ميكانيزمات الأصوات في لغة واحدة أو عدة لغات.
ولعل العلماء الأوائل الذين كان له دور في ظهور الفونولوجيا هو العالم جاكسونJackson -أستاذ ليفي ستروس العالم الأنثروبولوجي- صاحب نظرية" الملامح المميزة في الدراسة الفونولوجية" أو " نظرية المورفيم" التي بحثت في الطبيعة الاستعارية والكنائية للأدب وتأثير ذلك في محوري الاستبدال والمجاورة التي تتعلق بعملية النطق ومخارج الحروف .
وتعتمد اللسانيات والأرطفونيا على الفونولوجيا لما تكون إما حالة تأخر في الكلام فيستدعي حينئذ إجراء حوصلة فونولوجية.أو عند دراسة الأصوات من الناحية اللغوية
*علم النفس اللغوي: هو مجال اختصاص يجمع بين علم النفس واللسانيات لدراسة اللغة ولدراسة على وجه الخصوص السياقات النفسية الكامنة وراء إنتاج المواد الألسنية وفهمها وتذكرها، وكذا والتعرف عليها.
كما يعرف أيضا بكونه:" فرع من فروع علم اللغة التطبيقي الذي يدرس اكتساب اللغة الأولى وتعلم اللغات الأجنبية والعوامل النفسية المؤثرة في هذا التعلم".
إن علم النفس اللغوي مثال حي على التفاعل الوظيفي بين مجالين هما "علم النفس-المعرفي خاصة- واللغة " بمعنى أدق يدرس العلاقة بين اللغة والعقل الإنساني. وقد أوضح تشومسكي أن اللغة عملية سيكولوجية نشطة تنشأ عن مجموعة محدودة من القواعد النحوية ، وقد بذل علماء النفس المعرفيون خاصة مجهودات ضخمة للبرهنة على الصرف السيكولوجي لعلم اللغة .
ولعلم النفس اللغوي مجالات متعددة منها: :
- دراسة عيوب النطق والعلاقة بين العقل الإنساني واللغة بشكل عام .
- دراسة العلاقة بين اللغة والتفكير باعتباره عملية عقلية نفسية .
- يهتم بمهارات أساسيتين هي: "الإدراك، الفهم والإنتاج" وكيفية اكتسابهما .
من أشهر العلماء الذين اهتموا بدراسة علم النفس اللغوي نجد:أوزقودC.E.Osgood، سبوكT.E .Sebeok وأيضا سكينرF. Skinner العالم السلوكي الذي ألف كتاب "السلوك اللفظي".Comportement verbale
يمكن أن نصل في حوصلة لماهية علم النفس اللغوي أنه العلم الذي يدرس سيكولوجية الأشخاص عن طريق استعمال اللغة وبالتحديد الرسائل اللغوية المتبادلة بين المتحدثين والمقاصد والحالة العقلية لهم ويسمى هذا النوع لدى بعض العلماء خاصة علماء اللغة؛ "علم اللغة النفسي" .
*علم الاجتماع اللغوي: إن اللغات تتغير وتتطور دائما، لكن هذا التغير التاريخي يكون متبوع بتغير آني changement synchronique، أي يمكننا دائما أن نعاين في صلب اللغة الواحدة تعايش أشكال وصيغ مختلفة. لقد بين أنطوان A.Meillet الطابع الاجتماعي للغة حيث يرى في كتابه "كيف تتغير الكلمات " أن :
1. إن حدود اللغات تميل إلى الاقتران بحدود الزمر الاجتماعية les groupes sociaux
2. اللغة هي ظاهرة اجتماعية بامتياز فهي توجد مستقلة عن كل فرد من الأفراد الذين يتكلمونها وعلى الرغم من أنها لا تقوم بمعزل عن مجموع هؤلاء الأفراد فإنها مع ذلك خارجة عنه "أي الفرد" من خلال عموميتها.
3. إن صفتي الخارجية عن الفرد والإكراه التين يحدد دوركايم بهما الظاهرة الاجتماعية تظهران إذن في اللغة بداهة
إذن يحصل التغير اللغوي حينما تسمح صيغتان لغويتان بالتعبير عن "نفس الشيء"، أي حينما ينطوي دالان على نفس المدلول، وأن الاختلافات الموجودة تضطلع بوظيفة أخرى هي: الوظيفة الأسلوبية أو الاجتماعية التي تتوزع حسب السلم الاجتماعي (كل طبقة اجتماعية تستعمل مفهوما خاصا بها ويدل عليها). إن المقاربات السوسيولسيانية تتمثل تحديدا في تقصي هذا النوع من الاختلافات بين المتغيرات اللغوية والشرائح الاجتماعية بإجراء تقاطعات بينها بشكل منظم.
ولو تحدثنا عن الوجه الآلي الذي يسم المقاربة الاجتماعية سنتساءل : هل نحن ننطلق من تحليل اللغة لنفهم شيئا ما عن المجتمع؟ أم ننطلق من تحليل المجتمع ليسمح لنا بفهم اللغة؟
لقد شرع بورديو في الرد على هذه التساؤلات ، ورأى أن اللسانيات التي ظهرت بعد دي سوسير قد قامت على رفض الطابع الاجتماعي للغة ، وأن اللسانيين لا خيار لهم سوى البحث في صلب اللغة .
والخطاب كما يرى بورديو ليس رسالة فحسب ، بل هو منتوج نعرضه على تقييم الآخرين وأن قيمته ستتحدد من خلال علاقاته بمنتوجات أخرى أكثر ندرة أو أكثر رواجا .
وقد تحدث بورديو عن مفهوم "السوق اللغوية" حيث يؤكد أنه إذا كانت اللغة أداة تبليغ فهي أداة تبليغ فهي كذلك أمارة وعلامة خارجية عن الثروة. ولكي تفرض لغة من اللغات بوصفها لغة شرعية ، لابد من سوق لغوية موحدة تقدر فيها قيمة اللغات المختلفة واللهجات ومقارنتها باللغة المهيمنة. وهذا كله قد حمله على الغلو في ديباجة هذا المجاز الاقتصادي الذي يقوم على ميزان القوى الرمزي بين منتج مزود برأس مال لغوي مستهلك والذي من شأنه أن يجلب ربحا ماديا أو رمزيا.
إن مفهوم الجماعة اللغوية يكاد يكون مفهوما قديما قدم اللسانيات فقد كان يعرفها بلومفيلد bloomfild بكونها زمرة من الناس تنشط بواسطة الخطاب، أما أ.مارتينيه في محاولته لتحديد الجماعة اللغوية يقول:" يحصل التواصل كلما كانت هناك لغة" .
إن الكيفية الوحيدة التي تمكن من الذهاب إلى غاية التصور القاضي بأن اللغة ظاهرة اجتماعية ، وبأن دراسة اللسانيات ليس هو اللغة فحسب ، بل الجماعة الاجتماعية من حيث وجهها الاجتماعي .
فعلم الاجتماع اللغوي إذن سيهتم بدراسة الظواهر المرتبطة باللغات : عدد اللغات ، وظائفها، عدد الناطقين بها، وصف المظهر اللغوي للمجتمع …الخ أي العلم الذي يدرس الجماعة الاجتماعية .
*علم الأعصاب اللغوي: دراسة الوظيفة المعرفية للغة معناه دراسة اللغة من خلال عدة عمليات عقلية وعصبية مثل: الإحساس ، الانتباه، الإدراك الذاكرة ، التذكر، التخيل ، التفكير، اتخاذ القرار وحل المشكلات، التعلم، العلاقة بين التكوين النفسي والتكوين الجسدي، وفي كل هذه العمليات يعتمد الفرد على أساليب للحصول على المعرفة أي على المعلومة.
فهناك حتمية علمية مفادها أن العملية المعرفية هي البحث عن العلاقة الوطيدة بين الجملة العصبية والمعرفية. فالإنسان يملك حوالي 14مليار عصبون ، وتنقسم العصوبونات إلى ثلاثة أنواع:
- عصبونات حسية
- عصبونات حركية
- عصبونات حسية حركية (مختلطة)
حيث يتكون الدماغ(المخ) من حوالي3 ملايين عصبون حركي بينما أغلب المخ يتكون من عصبونات مختلطة وهنا يكمن سر التفكير، فالعصبونات المختلطة متراصة بين جانبين حسي وحركي بحتيين وفيها تتم مختلف العمليات العقلية والمعرفية ، من بينها اللغة والتفكير .
فاللغة تعتمد على تكوينها عصبيا على بناء الحالة الذهنية التي تعتمد على مستويين في ذلك : الرموز واللغة، فبانتظام الرموز يسمح لها بأن تكتسب معنى .
*الانثروبولوجيا اللغوية: يهتم هذا الفرع من اللسانيات في فهم شكل الحياة الاجتماعية والثقافية ، في أي مجتمع على أساس بحث ودراسة البناءات والأنساق اللغوية السائدة في ذلك المجتمع ، ذلك أن اللغة ظاهرة اجتماعية ، كما أنها عنصر جوهري من عناصر الثقافة ، فالكلمة التي يستخدمها الإنسان تتكون من مجموعة معارف وتتألف من طائفة من الارتباطات تجمعت حولها، كما أن دراسة كيفية عمل الفكر عن طريق استخدام اللغة في أي ثقافة يعتبر أحد المجالات الكبرى في اللغويات الثقافية ذلك أن دراسة لغة أي مجتمع تعتبر مصدرا حقيقيا للحصول على المعلومات حول ثقافة ذلك المجتمع.
وقد امتد البحث الأنثروبولوجي إلى جوانب متعددة فاهتم الأنثروبولوجين بتسجيل اللغات التي تسود بعض الثقافات ، كما اهتم البعض منهم بتسجيل جوانب التشابه بين اللغات كلها وكذلك أوجه الاختلاف وعلى العموم تهتم الانثروبولوجيا اللغوية بالمجالات التالية :
- البحث في اللغة وكيفية ظهورها ، وتبيان تنوع اللغات في العالم وعبر الأزمنة
- كيفية استخدام اللغة في الحاجات اليومية ويطلق على هذا النوع من الدراسات"لغات الشعوب"
- البحث في اللغات التاريخية غير المكتوبة أي أعادة تركيب تاريخ اللغات غير المكتوبة.
- البحث في البناء اللغوي حيث تسجل القواعد التي تحدد كيفية وضع الأصوات والكلمات بعضها بجانب بعض أثناء عملية التعبير.
- البحث في اختلاف اللغات المعاصرة وتباين طريقة الحديث تبعا للمركز الاجتماعي.
*الجغرافيا اللغوية : يمكن تسمية جغرافية اللغة بـ:" تمييز اللهجات" أو اللغة حسب تموقعها الاجتماعي والحيزي .
مقدمة في عــلم اللسانيات
--------------------------------------------------------------------------------
اللسانيات أو اللغويات Linguistics هي العلم الذي يهتم بدراسة اللغات الإنسانية و دراسة خصائصها و تراكيبها و درجات التشابه و التباين فيما بينها . أما اللغوي هو الشخص الذي يقوم بهذه الدراسة.
تاريخ اللسانيات
يعود تاريخ اللسانيات المعروف لبضع آلاف من السنين، ويعود الدرس اللساني الأقدم توثيقاً للهند حيث لعبت العقيدة الدينية دوراً هاماً في التأسيس له حوالي 2500 ق.م حين لاحظ الكهنة أن اللغة التي يستخدمونها في شعائرهم تختلف عن لغة الفيدا Veda (النصوص المقدسة المصاغة بلغة الهند القديمة) واعتقدوا أن نجاح بعض الطقوس يحتاج لاستخدام اللغة القديمة مما يستلزم إعادة إنتاجها، فقام كاهن يُدعى بانيني Panini قبل ألف سنة من الميلاد بتقنين القواعد النحوية الحاكمة للغة السنسكريتية حتى يمكن استخدامها كلغة طقوس دائمة. بدأ الفلاسفة اليونانيون الاهتمام الأوروبي باللسانيات بدءاً بمعلمهم الأول أرسطو حين اهتموا بدراسة العلاقة بين الأشياء والأفعال وأسمائها للتعرف على القواعد التي تحكم اللغة وصاغوا مبادئ النحو، واهتموا في القرن الثالث قبل الميلاد بالدرس البلاغي فقسموا مفردات اللغة إلى أسماء متعددة الصيغ، وأفعال تحدث في أزمنة مختلفة، ثم حددوا (أشكالاً للخطاب).
التزم الرومان بالقواعد النحوية اليونانية في اللغة اللاتينية إلا أنهم توسعوا في الشروح المميزة للأساليب اللغوية اللاتينية ومجالات استخدامها، وتم تحديد أشكال الخطاب قياساً على بعض النصوص اللغوية كأعمال رجل الدولة والخطيب المعروف شيشرو Marcus Tullius Cicero في القرن الأول الميلادي، و بحلول القرن الرابع الميلادي صاغ اللغوي الروماني آليوس دوناتسAelius Donatus صيغ عامة للنحو اللاتيني، وشرح اللغوي بريسكيان Priscian هذه القواعد بعد مائتي سنة أي في القرن السادس الميلادي، وبقيت على ما هي عليه حتى الآن، واستخدمت كمعايير قياسية للغات الأوروبية الأخرى حتى القرن السادس عشر الميلادي تقريباً، وبقيت كتبها مراجع للغات الأوروبية التي ظهرت بعدها، وظلت اللاتينية الأكثر انتشاراً حتى شهدت نهاية القرن السابع عشر وبدايات الثامن عشر مع تحول اللغتين الإنجليزية والفرنسية إلى لغات عالمية احتلت موقع اللاتينية، وساعد على ذلك اختراع الطباعة الذي جعل نصوص هاتين اللغتين المطبوعة متوفرة بشكل كبير، ونشأ علم الصوتيات Phonetics الذي دفع علماء اللغويات للمقارنة بين اللغة السنسكريتية واللغات الأوروبية، وأدى إلى نشوء الدراسات اللغوية الهند أوروبية.
==اللسانيات المقارنة== COMPARATIVE LINGUISTICS أسس السير ويليام جونز William Jones علم اللسانيات المقارن في نهاية القرن الثامن عشر لدراسة وتحليل النصوص المكتوبة في لغات مختلفة لكنها ذات صلة، وأشار إلى وجود علاقة بين كل من اللغة اللاتينية، واليونانية، والسنسكريتية توحي بنشوئها من مصدر واحد نتيجة ما لاحظه من تشابه معاني (أصوات متشابهة) في اللغات الثلاث فعلى سبيل المثال كلمة frater اللاتينية، وكلمة phrater اليونانية، وكلمة bhratar في اللغة السنسكريتية تعني كلها (أخ) مما دفع بعض علماء اللسانيات لدراسة العلاقة بين اللغات المختلفة، والتفاعلات الناشئة عن حوار متحدثين من خلفيات ثقافية مختلفة، ومساعدة الراغبين في تعلم لغات غير لغتهم الأصلية بعدما.
واهتمت اللسانيات بدراسة كيفية تشكل كلمات اللغات المختلفة لتكوين معاني متشابهة، ومقارنة هذه اللغات وأطلق على عناصر تشابه اللغات مصطلح صلة القرابة genetic relationships وكون اللسانيون عائلات لغوية صاغوها على شكل (شجرة عائلة) لكل مجموعة من اللغات ذات المنشأ الواحد من أبرزها: شجرة اللغات الهند أوروبية: وتضم السنسكريتية، واليونانية، واللاتينية، والإنجليزية، والألمانية، ولغات أوروبية وأسيوية أخرى.
شجرة لغات الجونكوين Algonquian: لغات سكان أمريكا الشمالية الأصليين.
شجرة لغة البانتو: تضم اللغة السواحيلية، والهوسا، والزولو ولغات أفريقية أخرى.
شجرة اللغات الأفرو أسيوية: كانت تسمى اللغات الحامية السامية وهي العائلة اللغوية الأساسية السائدة في الشمال الإفريقي والشرق الأوسط،،وتنقسم إلى خمس عائلات فرعية هي: السامية، والبربرية، والمصرية، والكوشية، والتشادية،
تنتمي اللغة العربية إلى العائلة الفرعية للغات السامية التي تُقسم إلى أربع مجموعات:
المجموعة الأولى (مجموعة الشمال الأقصى) وتمثلها اللغة الأكادية (الأشورية البابلية) أقدم اللغات السامية الموثقة، وسادت بين النهرين خلال الفترة من عام 3000 ق.م حتى القرن الميلادي الأول.
المجموعة الثانية (مجموعة الشمال الأوسط) وتضم اللغة العبرية القديمة والحديثة، والأوغاريتية، والفينيقية، والآرامية، والسريانية التي تسمى أحياناً (الآرامية المسيحية).
المجموعة الثالثة (مجموعة الجنوب الأوسط) وتضم اللغة العربية الفصحى، واللهجات العربية الإقليمية الحديث، واللغة المالطية.
المجموعة الرابعة (مجموعة الجنوب الأقصى) وتضم لهجات جنوب الجزيرة العربية المنحدرة من أصول قديمة كلغة مملكتي معين وسبأ، واللغة الأمهرية، واللغة الإثيوبية التقليدية ولغات أثيوبية إقليمية مثل التيجري Tigré والتيجرينيا Tigrinya والجوراج Gurage.
وللتعرف على تاريخ انفصال لغات عائلة لغوية عن بعضها البعض يستخدم اللسانيون كلمات يسمونها (الكلمات الثوابت culture free) تتميز بخاصية الثبات وعدم التغير على مر الزمن كون أصحاب اللغة يقاومون تغيير هذه الكلمات لأن لها قيمة ثقافية خاصة مثل كلمات (أم ـ أب ـ أخ ـ رأس ـ عين ـ أرض .. الخ) فيقوم اللسانيون بجمع هذه الكلمات في قوائم كل قائمة تخص لغة معينة من العائلة اللغوية، ويجرون عليها عمليات رياضية إحصائية، يستخلصون من نتائجها التاريخ الذي انفصلت فيه هذه اللغات عن اللغة الأم.
الموضوع الأساسي في اللسانيات
لسانيات المقارنة
علم تأسس على يد السير ويليام جونز في نهاية القرن الثامن عشر لدراسة وتحليل النصوص المكتوبة في لغات مختلفة لكنها ذات صلة، وأشار إلى وجود علاقة بين كل من اللغة اللاتينية، واليونانية، والسنسكريتية توحي بنشوئها من مصدر واحد نتيجة ما لاحظه من تشابه معاني (أصوات متشابهة) في اللغات الثلاث فعلى سبيل المثال كلمة frater اللاتينية، وكلمة phrater اليونانية، وكلمة bhratar في اللغة السنسكريتية تعني كلها (أخ) مما دفع بعض علماء اللسانيات لدراسة العلاقة بين اللغات المختلفة، والتفاعلات الناشئة عن حوار متحدثين من خلفيات ثقافية مختلفة، ومساعدة الراغبين في تعلم لغات غير لغتهم الأصلية، واهتمت اللسانيات بدراسة كيفية تشكل كلمات تكون معاني متشابهة في لغات مختلفة، وعمل دراسات مقارنة على هذه اللغات، وأطلق على عناصر التشابه بين اللغات مصطلح صلة القرابةgenetic relationships وكون اللسانيون من كل مجموعة من اللغات ذات المنشأ الواحد عائلة لغوية صاغوها على شكل (شجرة عائلة) من أبرز هذه العائلات: شجرة اللغات الهند أوروبية: وتضم السنسكريتية، واليونانية، واللاتينية، والإنجليزية، والألمانية، ولغات أوروبية وأسيوية أخرى. شجرة لغات الجونكويان Algonquian: لغات سكان أمريكا الشمالية الأصليين. شجرة لغة البانتو: تضم اللغة السواحيلية، والهوسا، والزولو ولغات أفريقية أخرى. شجرة اللغات الأفرو أسيوية: كانت تسمى اللغات الحامية السامية وهي العائلة اللغوية الأساسية السائدة في الشمال الإفريقي والشرق الأوسط،،وتنقسم إلى خمس عائلات فرعية هي: السامية، والبربرية، والمصرية، والكوشية، والتشادية، وتنتمي اللغة العربية إلى مجموعة من أربع مجموعات تُقسم إليها اللغات السامية: المجموعة الأولى (مجموعة الشمال الأقصى) وتمثلها اللغة الأكادية (الأشورية البابلية) أقدم اللغات السامية الموثقة، وسادت بلاد ما بين النهرين خلال الفترة من عام 3000 ق.م حتى القرن الميلادي الأول. المجموعة الثانية (مجموعة الشمال الأوسط) وتضم اللغة العبرية القديمة والحديثة، والأوغاريتية، والفينيقية، والآرامية، والسريانية التي تسمى أحياناً (الآرامية المسيحية). المجموعة الثالثة (مجموعة الجنوب الأوسط) وتضم اللغة العربية الفصحى، واللهجات العربية الإقليمية الحديثة، واللغة المالطية. المجموعة الرابعة (مجموعة الجنوب الأقصى) وتضم لهجات جنوب الجزيرة العربية المنحدرة من أصول قديمة كلغة مملكتي معين وسبأ، واللغة الأمهرية، واللغة الإثيوبية التقليدية ولغات أثيوبية إقليمية
نور اليقين- عضو نشط
- عدد المساهمات : 70
نقاط : 5448
تاريخ التسجيل : 04/05/2010
الموقع : ما نفع القلب شيء مثل عزلة يدخل بها ميدان فكرة
مواضيع مماثلة
» 1. من النص الورقي إلى النص الرقمي
» اللغة واللهجة في ضوء اللسانيات
» اللسانيات في الثقافة العربية المعاصرة
» علم اللغة أم اللسانيات؟ د. عبدالسلام المسدّي
» الشروق تحاور مؤسس معهد اللسانيات بالجزائر البروفيسور عبد الرحمن الحاج صالح
» اللغة واللهجة في ضوء اللسانيات
» اللسانيات في الثقافة العربية المعاصرة
» علم اللغة أم اللسانيات؟ د. عبدالسلام المسدّي
» الشروق تحاور مؤسس معهد اللسانيات بالجزائر البروفيسور عبد الرحمن الحاج صالح
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء 20 ديسمبر 2023, 10:55 من طرف مدير المنتدى
» العدد الثالث من مجلة " آفاق علمية "
الأحد 01 أغسطس 2021, 10:21 من طرف Houcine22
» الشاعر منتميا وملتزما
الأحد 14 أكتوبر 2018, 20:12 من طرف مدير المنتدى
» العرب وكرة القدم
الإثنين 02 يوليو 2018, 20:10 من طرف مدير المنتدى
» الخامس من يوليو (جويلية) مجددا
الإثنين 02 يوليو 2018, 19:42 من طرف مدير المنتدى
» أهلا بشهر التوبة والغفران
الأربعاء 07 يونيو 2017, 11:21 من طرف أسير القافية
» لو عثرت بغلة في العراق ...
الجمعة 03 مارس 2017, 20:17 من طرف أسير القافية
» مسابقة الدخول إلى مدرسة الدكتوراه بتامنغست
الخميس 06 أكتوبر 2016, 16:21 من طرف أسير القافية
» وما بكم من نعمة فمن الله
الخميس 06 أكتوبر 2016, 15:58 من طرف أسير القافية