السلالة أو ثرثية الحب و الحق و العدل

يا جوهر الروح مل الطين بلواه
كم دنس الحق في نفس برؤياه
فقد حللت بطين جله دنس
في نفخة قد قضى في حكمها الله
لا الأرض ترضى بعاص من سلالتها
لكن أمر أتاها حيت أملاه
في حمأة الطين كم تزداد قوتنا
لو مسنا ألم سيقت له الآه
يا جوهر الروح آه من غباوتنا
ما أجهل الطين في الدنيا و أغباه
فالخير والشر جزء من طبيعتنا
كالعطر والشوك في الأزهار نأباه
ما انفك آدم يحصي ورد جنته
حتى أضاعت حلاها البكر حواه
قد فح في أذنها إبليس نشوته
حتى انتشت ثم فيها بث أفعاه
وحرك الشهوة العمياء داخلها
دبت تقول لها واحر قلباه
فغرها الخلد تفاحا على شجرا
والملك حلما تمنت لبس ثوباه
ما حكمة الله قالت حين يحظره
و الحظر إلا لسر عنك أخفاه
فغررت نصفها الثاني بمنيتها
ما إن تمثلها بانت خفاياه
فهبت الروح تحت العرش ضارعة
وآدم الطهر هذا الذنب أقصاه
تسرب الندم الناري يصهره
فصاح رباه أين العفو رباه
إني أبوأ بذنبي توبة عرجت
خجلى وعفوك درب كدت أنساه
فضج في أفقه إبليس في غضب
ومسه حسد إذ كيف عافاه
واحتج لمّا استجاب الله توبته
أوحى إليه بعفو ثم أدناه
والطين من بعده ضاعت سجيته
حتى استبدت به أفعى خطاياه
مازال معمى و ما أعشت بصيرته
و صار متهما بالخبث حواه
حواء عفوك لو طبعي يغالبني
إن اتهامك جرما كدت أغشاه
فكيف أنكرت طبعا من طبائعنا
ثم اتهمتك ظلما لست أرضاه
لولا فضولك ما غنت قرائحنا
ولا استبانت مرايا الدرب لولاه
و لا استقامت معاني الفكر هائمة
مع المواجد يا أحدى سجاياه
لولا فضولك ما ذابت وشائجنا
لولاك ما عرف الإنسان معناه
يا حضن آدمنا لا تذو من شططي
أستوعب الدرس قلبي من حشاياه
قد ساقني الحلم في المجهول أمنية
نحو المتاهات يا أحدى ضحاياه
و النفس مولعة بالسر تكشفه
و المبهم المشتهى ترجو خباياه
قد بت أندب يا حواء جبلتنا
لجوهر الروح إذ طالت بنا الآه
يا جوهر الروح هذا الطين في زلل
أنثى مقاصده وارت مزاياه
فراح ينفث أفعى رغائبه
بالحب موه ما فحت خطاياه
و الحب فيك كمال لا يماثله
حب لقيس يناجي قلب ليلاه
و الطين يجعله دربا لغانية
يرجو وصالا بعهر النفس زكاه
والنفس تحسبه رحبا لمسرحها
تبدي رغائبها لم تدر فحواه
راحت تعدل منه ألف قافية
بألف عاهرة شدت بعرواه
يظنه القلب سرا في روابطه
لكنه في سمو الطين يأباه
ما خاطب الطين إلا بعض شهوته
كما يخاطب فحل العنز أنثاه
والحب يبرأ من أوصاف طينتنا
الحب كم تسلب الأغراض معناه
كالروح طهرا إذا أبصرتها صعدت
سعدى إلى ملكوت الله تهواه
كالنور يدفن في نفسي نوازعها
يبدي فضائلها إن تبل سقياه
و الحب لا الميل يقضي في عواطفنا
حتى تلف قلوب الطين يمناه
والحب عاطفة قد شاد مملكة
بالحق و العدل و الإيمان جلاه
و الحق يجهل فكر الطين صرخته
فدس باطله فيه فواراه
فراح ينفثه سحرا ولونه
بخبث منطقه فينا فأقصاه
وشن من فلسفات العصر أوبئة
كادت تزيل صحيح الدرب دعواه
ظن الرسالات ضربا من خرافته
و الدين إلا غرور الفكر أهداه
حتى البسيطة ملك لا ينازعه
في أمرها غيره إلا تبلاه
فالحق يا طين موجود و إن عميت
عيناك عنه فقد أغوتك عيناه
و الحق عندي وإن فكرت ساعتها
عقيدة بهدى الإيمان درباه
والعدل كالحق قد ضاعت موازنه
بجهلنا عز بين الطين رؤياه
و الطين يعجبه في العدل صيغته
فأبصر التيه فيها ما تمناه
فراح يفتك في زهو بطينته
والضعف شجعه فيها و أغراه
يا جوهر الروح لو ترثي لحالتنا
قد بثك الطين قبل اليوم شكواه
قد ضره ألم و الفكر أخذله
ظن السعادة في فحشى نواياه
لو مل كل التي هزت نوازعه
لأدرك السر إن السر أعياه
فالنار تكسب هذا الطين قوته
حتى تطهره من كل أصداه
لكنما الطين لو قد مسه ألم
لصاح في الكون أين اللطف رباه
إن عضه يبتغي منه طهارته
يقول أواه يا رباه أواه
فالنفس تعلم أن الحق يخضعها
و الفكر يعرف ليس الكون فتواه
تجاهل الطين عن قصد حقيقته
وراح يبحث عنها في خباياه
والنفس تعشق ما في الكون من صدف
والروح في ملكوت الله نجواه
والفكر يعجز عن تفسير عالمه
و القلب بالنور تحوي الكون رؤياه
إن السعادة في الدنيا يفسرها
بقدر ما تعتق الأحزان سلواه
والطين يحسبها شيءً يقايضه
أو أنها الأصفران المال و الجاه
إن السعادة في الدنيا يفوز بها
فكر عقيدته بالله ترعاه
يا جوهر الروح رفقا في معاتبتي
فالطين عربد في أحشاءه الآه