المواضيع الأخيرة
بحـث
سحابة الكلمات الدلالية
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
مدير المنتدى | ||||
أسير القافية | ||||
ونشريس | ||||
محب العلماء | ||||
هويدا | ||||
حمداوي عبد الرحمان بن قاس | ||||
شوقي نذير | ||||
الأصيل | ||||
تحيا الجزائر | ||||
عبدالله بن حامو |
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 13 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 13 زائر :: 2 عناكب الفهرسة في محركات البحثلا أحد
أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 53 بتاريخ الأحد 14 أبريل 2019, 17:47
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1352 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو روفي فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 3419 مساهمة في هذا المنتدى في 1524 موضوع
عرض لرسالة ماجستير ( تشكيل معالم النص القرآني عند المستشرقين)
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
عرض لرسالة ماجستير ( تشكيل معالم النص القرآني عند المستشرقين)
تشكيل معالم النص القرآني عند المستشرقين
رمضان حينوني
– جامعة بشار / الجزائر . كانون أول /ديسمبر2006
لجنة المناقشة
د. محمد تحريشي رئيسا
د. مختار حبار مشرفا
د. لحسن كرومي مشرفا مساعدا
د . الشيخ بوقربة عضوا مناقشا
د. محمد بن حمو عضوا مناقشا
إن الحديث عن الاستشراق و المستشرقين مرتبط في غالب الأحيان بمجال الدراسات الإسلامية ، و القرآنية منها تحديدا . و بقدر ما يرفض المسلم الكثير من الآراء و التحليلات الاستشراقية المتعلقة بكتاب الله أو بنبيِّه صلى الله عليه و سلم، فإنه بالمقابل يجد في ما كتبوه كثيرا من الإيجابيات ؛ و إذا لم يكن منها سوى تنبيه بعض العرب و المسلمين من غفلتهم تجاه دينهم و تراثهم ، و دفعهم بقوّة إلى الدفاع عنهما، لكان ذلك كافيا ، فكيف إذا عددنا غير هذا ، مثل التَّقَوِّي بآراء المنصفين منهم ، في إطار ( شهد شاهد من أهلها ) لتصحيح نظرة الغرب إلى الإسلام ، خاصة عند الأجيال التي تشرأب أعناقها لمعرفة الإسلام على حقيقته .
في هذا الإطار اخترت هذا الموضوع:( تشكيل معالم النص القرآني عند المستشرقين ) و كلمة تشكيل إنما جيء بها لتناسب نظرة أغلب المستشرقين إلى القرآن الكريم ، بوصفه عندهم كتابا بشريا .و يبحث في ثلاثة جوانب تخص النص القرآني لفتت انتباه المستشرقين، وهي معماره و موضوعاته و أسلوبه . و رأيت أن أتناوله عند عدد من المستشرقين ، بدلا من اختيار مستشرق نموذجا ، لأن هذا التشكيل إنما يتّضح من خلال آراء مختلفة ، و لمستشرقين تباعدت بهم الأماكن ، و الاختصاصات، و ربما طرق التفكير أيضا . فالبحث يهدف ، إلى تقصي هذه الآراء المختلفة ، و نقدها ، للوصول بالقارئ إلى رؤية نرجو أن تكون علمية موضوعية .
و الملاحظ أن المستشرقين يربطون بين الإسلام بوصفه دينا ينظرون إليه من زاوية رافضة في الغالب ، و بين النص القرآني المبني على لغة عربية معروفة ببيانها و انزياحاتها و غنى دلالاتها .و في هذا الإطار نلمس إسقاطا واضحا من لدن المستشرقين ، أي إسقاط موقفهم من الإسلام كدين ، على موقفهم من النص و أدبيته و خصوصياته ، و هذا شيء مثير للانتباه ، رغم اعترافنا بالتفاوت بين المستشرقين أنفسهم في طبيعة هذا الاسقاط . و إني لأميل إلى قول القائلين بوجود فئة منصفة و أخرى متحاملة ، فيما يخص النظر إلى الإسلام و القرآن و ما يتعلق بهما ؛ و هو يعني عدم فصل المستشرقين في أدبية القرآن ، و عدم وصولهم إلى نتائج واحدة أو متقاربة ، حتى يدفعنا هذا إلى إعادة النظر في مواقفنا تجاهها . بل إن الأمر ليكشف عن أن قراءات هؤلاء في أغلبها ، لم تبلغ المرحلة التي تستجيب فيها إلى البحث النزيه و المتجرّد من كلِّ خلفية مسبقة .
و قد انطلقت من أعمال المستشرقين، مثل أعمال بلاشير و جولدزيهر و يوسف شاخت وجاك بيرك و غيرهم، و هي التي نفترض أنّها كوّنت في مجملها نظرة خاصة لهذا النص ، بنيت على خلفيات عقائدية و تاريخية و ربّما سياسية أيضا . و كان من نتائج ذلك خروجها بهذا النص عن حقيقته ، و تخريجها له بالشكل الذي لا يتفق و خصوصيات اللغة التي نزلت به ، و لا المحيط الذي شمله في مراحله الأولى . و صحيح أنه مهما قلنا عن معرفة المستشرقين للغة التي يدرسونها ، فإنها معرفة لا ترقى - في أغلب الأحيان - إلى المستوى الذي يخول للمستشرق الخوض فيه ؛ فلغة الغربي يحكمها فكر يصعب تكييفه و عقلية الشرق ، أو هكذا يُفهم من كتاباتهم على الأقل .
والملاحظ هو أن أغلب الدراسات العربية التي تناولت الاستشراق ، ركّزت على جوانبه التاريخية ، أو من مواقفه من الإسلام ، و نحن واجدون في هذا المجال عددا كبيرا من الكتب و الدراسات ، وصف أغلبها بالافتقار إلى المناهج العلمية الأكاديمية ، لأنها تصب في مجال الدفاع عن الإسلام ضد الحملات الغربية بعاطفية ملحوظة ، و باندفاعية تتجاهل أحيانا الأمانة العلمية ، و إذا كان من الصعب فعلا الانفلات من العاطفة و الاندفاعية ، فإن المأمول من هذا البحث أن يكون لبنة متواضعة في صرح أكاديمي كبير .
و يطرح هذا البحث بعض التساؤلات الهامة منها : إلى أي مدى تمكن المستشرقون من رصد معالم النص القرآني ، في أبعاده المختلفة : المعمارية و الموضوعية و الفنيّة ؟ وما مدى كفاية النتائج المتوصل إليها في هذا المجال ؟ و هل بنيت أعمالهم على مفاهيم من شأنها الإحاطة ببناء النص القرآني ؟ و هل الآدوات المستخدمة كالإحصاء و التصنيف و النمذجة التي يوظفها المستشرق لخدمة أهدافه و توجّهاته تكفل الوصول إلى هذا الهدف ؟ ثم، هل توجه المستشرقين إلى القارئ الأوروبي بالدرجة الأولى سعي وراء كشف الحقائق ، كما يقتضيها المنهج العلمي ، أم أنه توجيه له نحو ما يراد له أن يعرف ؟
وللوصول إلى حل لهذه الإشكالية ، لا بد من الانطلاق أولا من أعمال المستشرق نفسه لا من نظرتنا عنه ، و لابدّ من تفحص الأقوال و الآراء ، و مراعاة ظروفها و خلفياتها ، فنكون إما متقبلين لها أو رافضين لكن بعد تمحيص . و أرى أن الاستعانة بنظرتنا الإسلامية ، مجسّدة في ما توصل إليه باحثونا الأجلاء ضرورية ، دون التعصب لها .
و تجدر الإشارة هنا إلى أن المنهج الوصفي هو المعتمد في هذه الدراسة ، للوصول إلى تصور و رؤيا واضحين . ويقتضي هذا المنهج أدوات إجرائية توصل إلى النتائج المرجوّة ، من ذلك مثلا المقارنة التي أرى أن لا مناص منها لتقويم عمل المستشرق أو إثرائه . و هي مقارنة تجرى أحيانا بين أعمال المستشرقين أنفسهم ، و أحيانا أخرى بين أعمالهم و أعمال الدارسين العرب و المسلمين ، باعتبارها الأساس في الدراسات القرآنية ، و الأقرب إلى لمس الحقيقة الإسلامية. و قراءة القراءة ضرورية أيضا ، إذ لا يمكن أن تكون قراءة المستشرق نهائية أو حاسمة ، مهما ادّعى معرفة و خبرة بمناهج البحث وطرق التفكير .
وقد تشكل هذا الموضوع من مدخل وفصول ثلاثة، وقد جعلت الحديث عن موقع النص القرآني في كتابات المستشرقين مدخلا ، و فيه محوران : بدأتهما بعرض نظرة فريقين من المستشرقين للنص القرآني، فهو عند هؤلاء نص بشري و تراث إنساني، وعلى هذا الأساس يجب أن يعامل و يحلل ؛ وهو عند أولئك نص إلهي مقدس كغيره من الكتب السماوية ، إن لم يكن أفضلها وأغناها، ثم ختمتهما بانعكاس الفكر الاستشراقي على الفكر العربي، نتيجة التواصل العربي الأوروبي منذ عصر النهضة العربية .
و قد عنونت الفصل الأول بـتشكيل المعلم المعماري للنص القرآني عند المستشرقين، و يدخل في هذا الإطار التقسيمات التي اعتمدوها ، سواء منها الزمنية عن طريق اعتماد العهود على النمط التوراتي الإنجيلي، أو الشكلية مثل البنية الكلية والبنية الجزئية للقرآن الكريم، ومسألة الأصيل والدخيل في النص القرآني، والاتهامات التي نتجت عن نظرية الدخيل خاصة ما تعلّق منها بالألفاظ، لجعل القرآن مجرّد نسخة عربية من الكتب السماوية الأخرى .
أما تشكيل المعلم الموضوعاتي فقد اكتفيت فيه بموضوعات أربع رأيت أنّها نالت حظا كبيرا لدى المستشرقين ، لحساسيتها و أهميتها عند المسلمين. ففكرة الوحي التي تعيد القرآن إلى مصدره الإلهي، هي عند بعضهم مجرد علامة على عبقرية النبي صلى الله عليه و سلم، والدعوة في مكة تختلف عن الدعوة في المدينة ، مما يعني - عندهم - أن الدعوة تتحول من عهد إلى آخر، والتشريع الإسلامي ما هو إلا قوانين استقاها المسلمون من مصادر خارجية، أما الجهاد أو ما يسمونه الحرب المقدسة، فهي العدوان والإكراه والتسلط. إنّها موضوعات إذن من الأهمية بمكان، بحيث تبدو بقية الموضوعات ظلالا من ظلالها .
وفي تشكيل المعلم الأسلوبي عنوان الفصل الثالث، اقتصرت أيضا على أربعة عناصر مهمة هي: معلم الصورة الفنية، ومعلم القصة، والمعلم الإيقاعي، ومعلم التصريح و التلميح . و ركزت على التخبط الذي وقع فيه أغلب المستشرقين في هذا المجال الذي يتطلب معرفة خاصة باللغة العربية، و بالبلاغة العربية؛ مما نتج عنه لجوءهم إلى الأحكام الانطباعية البعيدة عن روح البحث النزيه، وعن الذوق العربي لأن القرآن نص عربي .
وقد حاولت جهدي أن أستند إلى المصادر والمراجع الثرية، التي تسهل عملي هذا، ولا أدّعي أن الأمر تيسّر لي، رغم أن الذي توفر لدي لا يستهان به. فالمراجع الأجنبية كان لها دور أساس في إنجاز هذا البحث منها ، خاصة أن أصحابها من أعلام الاستشراق، أو المطلعين بعمق على التاريخ العربي والإسلامي، وأذكر منها: (القرآن) لبلاشير، و(العقيدة و الشريعة في الإسلام ) لجولدزيهر ، و( التعابير العربية في الوقت الحاضر) و( الإسلام في زمن العالم ) لجاك بيرك، وهي باللغة الفرنسية ، ومن الكتب المعربة :( تاريخ الأدب العربي ) لبلاشير، و( كيف نفهم الإسلام ) لفريتجوف شيون ، و( الفكر العربي و مكانه في التاريخ ) لدي لاسي أوليري، و( أصول الفقه ) ليوسف شاخت، وغيرها . ولا أنتقص من قيمة ما لم أذكره من مراجع حديثة، كان لها الفضل في إنارة طريقي، و في إثراء بحثي. مثل ( الظاهرة القرآنية ) لمالك بن نبي، و( التصوير الفني في القرآن ) لسيد قطب .
كما استعنت ببعض من أمهات الكتب مثل:( تأويل مشكل القرآن ) لابن قتيبة و( بيان إعجاز القرآن ) للخطابي و( إعجاز القرآن ) للباقلاني، و( متشابه القرآن ) للقاضي عبد الجبار، و( دلائل الإعجاز ) للجرجاني .
غير أنّه لا بد من الاعتراف ببعض الصعوبات التي اعترضت مسعاي، و أخص بالذكر، ترجمة النصوص عن الفرنسية ؛ و قد اجتهدت في أن أنقل معاني ما أترجم بحيث تكون الفكرة واضحة وصحيحة، كما أنني استعنت ببعض من زملائي في تقويم ما أترجمه، و ليتجاوز القارئ إن لم يجد الدقّة المتناهية في الترجمة ، فالمهم - كما أرى - أن تصل الفكرة سليمة ، ليُبنى عليها نقد سليم .
و إذا كان لهذا البحث من نجاح ، فإن الفضل في ذلك يعود إلى ما بذله أستاذاي الدكتور مختار حبار، والدكتور لحسن كرومي من جهد في توجيه البحث وجهته الصحيحة ، و ما خصصاه له من وقتهما الثمين و اهتمامهما المقدر؛ شاكرا لهما سعة صدريهما أمام ما وجداه مني من تقصير أحيانا ، و معاملتهما الطيبة المشجعة، و نصائحهما السديدة التي كانت لي معينا على تخطي الصعاب ، و تدليل العقبات. كما يعود الفضل أيضا إلى أساتذتي الأجلاء الذين أمضيت معهم سنة نظرية كلها علم وفوائد و توجيه، و أخص بالذكر الدكتور محمد تحريشي الذي فتح لنا مشروعه في ( النقد و الإعجاز ) بابا واسعا في البحث الأكاديمي كنا في أمس الحاجة إليه. فلهؤلاء جميعا خالص الشكروعظيم العرفان ، و أسأل الله التوفيق و السداد .
ramhin@yahoo.fr
مجلة علوم انسانية WWW.ULUM.NL السنة السابعة: العدد 44: شتاء 2010 - Issue 44, Year 7th , Jan
رمضان حينوني
– جامعة بشار / الجزائر . كانون أول /ديسمبر2006
لجنة المناقشة
د. محمد تحريشي رئيسا
د. مختار حبار مشرفا
د. لحسن كرومي مشرفا مساعدا
د . الشيخ بوقربة عضوا مناقشا
د. محمد بن حمو عضوا مناقشا
إن الحديث عن الاستشراق و المستشرقين مرتبط في غالب الأحيان بمجال الدراسات الإسلامية ، و القرآنية منها تحديدا . و بقدر ما يرفض المسلم الكثير من الآراء و التحليلات الاستشراقية المتعلقة بكتاب الله أو بنبيِّه صلى الله عليه و سلم، فإنه بالمقابل يجد في ما كتبوه كثيرا من الإيجابيات ؛ و إذا لم يكن منها سوى تنبيه بعض العرب و المسلمين من غفلتهم تجاه دينهم و تراثهم ، و دفعهم بقوّة إلى الدفاع عنهما، لكان ذلك كافيا ، فكيف إذا عددنا غير هذا ، مثل التَّقَوِّي بآراء المنصفين منهم ، في إطار ( شهد شاهد من أهلها ) لتصحيح نظرة الغرب إلى الإسلام ، خاصة عند الأجيال التي تشرأب أعناقها لمعرفة الإسلام على حقيقته .
في هذا الإطار اخترت هذا الموضوع:( تشكيل معالم النص القرآني عند المستشرقين ) و كلمة تشكيل إنما جيء بها لتناسب نظرة أغلب المستشرقين إلى القرآن الكريم ، بوصفه عندهم كتابا بشريا .و يبحث في ثلاثة جوانب تخص النص القرآني لفتت انتباه المستشرقين، وهي معماره و موضوعاته و أسلوبه . و رأيت أن أتناوله عند عدد من المستشرقين ، بدلا من اختيار مستشرق نموذجا ، لأن هذا التشكيل إنما يتّضح من خلال آراء مختلفة ، و لمستشرقين تباعدت بهم الأماكن ، و الاختصاصات، و ربما طرق التفكير أيضا . فالبحث يهدف ، إلى تقصي هذه الآراء المختلفة ، و نقدها ، للوصول بالقارئ إلى رؤية نرجو أن تكون علمية موضوعية .
و الملاحظ أن المستشرقين يربطون بين الإسلام بوصفه دينا ينظرون إليه من زاوية رافضة في الغالب ، و بين النص القرآني المبني على لغة عربية معروفة ببيانها و انزياحاتها و غنى دلالاتها .و في هذا الإطار نلمس إسقاطا واضحا من لدن المستشرقين ، أي إسقاط موقفهم من الإسلام كدين ، على موقفهم من النص و أدبيته و خصوصياته ، و هذا شيء مثير للانتباه ، رغم اعترافنا بالتفاوت بين المستشرقين أنفسهم في طبيعة هذا الاسقاط . و إني لأميل إلى قول القائلين بوجود فئة منصفة و أخرى متحاملة ، فيما يخص النظر إلى الإسلام و القرآن و ما يتعلق بهما ؛ و هو يعني عدم فصل المستشرقين في أدبية القرآن ، و عدم وصولهم إلى نتائج واحدة أو متقاربة ، حتى يدفعنا هذا إلى إعادة النظر في مواقفنا تجاهها . بل إن الأمر ليكشف عن أن قراءات هؤلاء في أغلبها ، لم تبلغ المرحلة التي تستجيب فيها إلى البحث النزيه و المتجرّد من كلِّ خلفية مسبقة .
و قد انطلقت من أعمال المستشرقين، مثل أعمال بلاشير و جولدزيهر و يوسف شاخت وجاك بيرك و غيرهم، و هي التي نفترض أنّها كوّنت في مجملها نظرة خاصة لهذا النص ، بنيت على خلفيات عقائدية و تاريخية و ربّما سياسية أيضا . و كان من نتائج ذلك خروجها بهذا النص عن حقيقته ، و تخريجها له بالشكل الذي لا يتفق و خصوصيات اللغة التي نزلت به ، و لا المحيط الذي شمله في مراحله الأولى . و صحيح أنه مهما قلنا عن معرفة المستشرقين للغة التي يدرسونها ، فإنها معرفة لا ترقى - في أغلب الأحيان - إلى المستوى الذي يخول للمستشرق الخوض فيه ؛ فلغة الغربي يحكمها فكر يصعب تكييفه و عقلية الشرق ، أو هكذا يُفهم من كتاباتهم على الأقل .
والملاحظ هو أن أغلب الدراسات العربية التي تناولت الاستشراق ، ركّزت على جوانبه التاريخية ، أو من مواقفه من الإسلام ، و نحن واجدون في هذا المجال عددا كبيرا من الكتب و الدراسات ، وصف أغلبها بالافتقار إلى المناهج العلمية الأكاديمية ، لأنها تصب في مجال الدفاع عن الإسلام ضد الحملات الغربية بعاطفية ملحوظة ، و باندفاعية تتجاهل أحيانا الأمانة العلمية ، و إذا كان من الصعب فعلا الانفلات من العاطفة و الاندفاعية ، فإن المأمول من هذا البحث أن يكون لبنة متواضعة في صرح أكاديمي كبير .
و يطرح هذا البحث بعض التساؤلات الهامة منها : إلى أي مدى تمكن المستشرقون من رصد معالم النص القرآني ، في أبعاده المختلفة : المعمارية و الموضوعية و الفنيّة ؟ وما مدى كفاية النتائج المتوصل إليها في هذا المجال ؟ و هل بنيت أعمالهم على مفاهيم من شأنها الإحاطة ببناء النص القرآني ؟ و هل الآدوات المستخدمة كالإحصاء و التصنيف و النمذجة التي يوظفها المستشرق لخدمة أهدافه و توجّهاته تكفل الوصول إلى هذا الهدف ؟ ثم، هل توجه المستشرقين إلى القارئ الأوروبي بالدرجة الأولى سعي وراء كشف الحقائق ، كما يقتضيها المنهج العلمي ، أم أنه توجيه له نحو ما يراد له أن يعرف ؟
وللوصول إلى حل لهذه الإشكالية ، لا بد من الانطلاق أولا من أعمال المستشرق نفسه لا من نظرتنا عنه ، و لابدّ من تفحص الأقوال و الآراء ، و مراعاة ظروفها و خلفياتها ، فنكون إما متقبلين لها أو رافضين لكن بعد تمحيص . و أرى أن الاستعانة بنظرتنا الإسلامية ، مجسّدة في ما توصل إليه باحثونا الأجلاء ضرورية ، دون التعصب لها .
و تجدر الإشارة هنا إلى أن المنهج الوصفي هو المعتمد في هذه الدراسة ، للوصول إلى تصور و رؤيا واضحين . ويقتضي هذا المنهج أدوات إجرائية توصل إلى النتائج المرجوّة ، من ذلك مثلا المقارنة التي أرى أن لا مناص منها لتقويم عمل المستشرق أو إثرائه . و هي مقارنة تجرى أحيانا بين أعمال المستشرقين أنفسهم ، و أحيانا أخرى بين أعمالهم و أعمال الدارسين العرب و المسلمين ، باعتبارها الأساس في الدراسات القرآنية ، و الأقرب إلى لمس الحقيقة الإسلامية. و قراءة القراءة ضرورية أيضا ، إذ لا يمكن أن تكون قراءة المستشرق نهائية أو حاسمة ، مهما ادّعى معرفة و خبرة بمناهج البحث وطرق التفكير .
وقد تشكل هذا الموضوع من مدخل وفصول ثلاثة، وقد جعلت الحديث عن موقع النص القرآني في كتابات المستشرقين مدخلا ، و فيه محوران : بدأتهما بعرض نظرة فريقين من المستشرقين للنص القرآني، فهو عند هؤلاء نص بشري و تراث إنساني، وعلى هذا الأساس يجب أن يعامل و يحلل ؛ وهو عند أولئك نص إلهي مقدس كغيره من الكتب السماوية ، إن لم يكن أفضلها وأغناها، ثم ختمتهما بانعكاس الفكر الاستشراقي على الفكر العربي، نتيجة التواصل العربي الأوروبي منذ عصر النهضة العربية .
و قد عنونت الفصل الأول بـتشكيل المعلم المعماري للنص القرآني عند المستشرقين، و يدخل في هذا الإطار التقسيمات التي اعتمدوها ، سواء منها الزمنية عن طريق اعتماد العهود على النمط التوراتي الإنجيلي، أو الشكلية مثل البنية الكلية والبنية الجزئية للقرآن الكريم، ومسألة الأصيل والدخيل في النص القرآني، والاتهامات التي نتجت عن نظرية الدخيل خاصة ما تعلّق منها بالألفاظ، لجعل القرآن مجرّد نسخة عربية من الكتب السماوية الأخرى .
أما تشكيل المعلم الموضوعاتي فقد اكتفيت فيه بموضوعات أربع رأيت أنّها نالت حظا كبيرا لدى المستشرقين ، لحساسيتها و أهميتها عند المسلمين. ففكرة الوحي التي تعيد القرآن إلى مصدره الإلهي، هي عند بعضهم مجرد علامة على عبقرية النبي صلى الله عليه و سلم، والدعوة في مكة تختلف عن الدعوة في المدينة ، مما يعني - عندهم - أن الدعوة تتحول من عهد إلى آخر، والتشريع الإسلامي ما هو إلا قوانين استقاها المسلمون من مصادر خارجية، أما الجهاد أو ما يسمونه الحرب المقدسة، فهي العدوان والإكراه والتسلط. إنّها موضوعات إذن من الأهمية بمكان، بحيث تبدو بقية الموضوعات ظلالا من ظلالها .
وفي تشكيل المعلم الأسلوبي عنوان الفصل الثالث، اقتصرت أيضا على أربعة عناصر مهمة هي: معلم الصورة الفنية، ومعلم القصة، والمعلم الإيقاعي، ومعلم التصريح و التلميح . و ركزت على التخبط الذي وقع فيه أغلب المستشرقين في هذا المجال الذي يتطلب معرفة خاصة باللغة العربية، و بالبلاغة العربية؛ مما نتج عنه لجوءهم إلى الأحكام الانطباعية البعيدة عن روح البحث النزيه، وعن الذوق العربي لأن القرآن نص عربي .
وقد حاولت جهدي أن أستند إلى المصادر والمراجع الثرية، التي تسهل عملي هذا، ولا أدّعي أن الأمر تيسّر لي، رغم أن الذي توفر لدي لا يستهان به. فالمراجع الأجنبية كان لها دور أساس في إنجاز هذا البحث منها ، خاصة أن أصحابها من أعلام الاستشراق، أو المطلعين بعمق على التاريخ العربي والإسلامي، وأذكر منها: (القرآن) لبلاشير، و(العقيدة و الشريعة في الإسلام ) لجولدزيهر ، و( التعابير العربية في الوقت الحاضر) و( الإسلام في زمن العالم ) لجاك بيرك، وهي باللغة الفرنسية ، ومن الكتب المعربة :( تاريخ الأدب العربي ) لبلاشير، و( كيف نفهم الإسلام ) لفريتجوف شيون ، و( الفكر العربي و مكانه في التاريخ ) لدي لاسي أوليري، و( أصول الفقه ) ليوسف شاخت، وغيرها . ولا أنتقص من قيمة ما لم أذكره من مراجع حديثة، كان لها الفضل في إنارة طريقي، و في إثراء بحثي. مثل ( الظاهرة القرآنية ) لمالك بن نبي، و( التصوير الفني في القرآن ) لسيد قطب .
كما استعنت ببعض من أمهات الكتب مثل:( تأويل مشكل القرآن ) لابن قتيبة و( بيان إعجاز القرآن ) للخطابي و( إعجاز القرآن ) للباقلاني، و( متشابه القرآن ) للقاضي عبد الجبار، و( دلائل الإعجاز ) للجرجاني .
غير أنّه لا بد من الاعتراف ببعض الصعوبات التي اعترضت مسعاي، و أخص بالذكر، ترجمة النصوص عن الفرنسية ؛ و قد اجتهدت في أن أنقل معاني ما أترجم بحيث تكون الفكرة واضحة وصحيحة، كما أنني استعنت ببعض من زملائي في تقويم ما أترجمه، و ليتجاوز القارئ إن لم يجد الدقّة المتناهية في الترجمة ، فالمهم - كما أرى - أن تصل الفكرة سليمة ، ليُبنى عليها نقد سليم .
و إذا كان لهذا البحث من نجاح ، فإن الفضل في ذلك يعود إلى ما بذله أستاذاي الدكتور مختار حبار، والدكتور لحسن كرومي من جهد في توجيه البحث وجهته الصحيحة ، و ما خصصاه له من وقتهما الثمين و اهتمامهما المقدر؛ شاكرا لهما سعة صدريهما أمام ما وجداه مني من تقصير أحيانا ، و معاملتهما الطيبة المشجعة، و نصائحهما السديدة التي كانت لي معينا على تخطي الصعاب ، و تدليل العقبات. كما يعود الفضل أيضا إلى أساتذتي الأجلاء الذين أمضيت معهم سنة نظرية كلها علم وفوائد و توجيه، و أخص بالذكر الدكتور محمد تحريشي الذي فتح لنا مشروعه في ( النقد و الإعجاز ) بابا واسعا في البحث الأكاديمي كنا في أمس الحاجة إليه. فلهؤلاء جميعا خالص الشكروعظيم العرفان ، و أسأل الله التوفيق و السداد .
ramhin@yahoo.fr
مجلة علوم انسانية WWW.ULUM.NL السنة السابعة: العدد 44: شتاء 2010 - Issue 44, Year 7th , Jan
رد: عرض لرسالة ماجستير ( تشكيل معالم النص القرآني عند المستشرقين)
جزاكم الله كل خير وفقكم الله
احميد- عدد المساهمات : 1
نقاط : 4780
تاريخ التسجيل : 26/10/2011
رد: عرض لرسالة ماجستير ( تشكيل معالم النص القرآني عند المستشرقين)
اللهم اجعله لأستاذنا ثوابا غير منقطع الثواب آمين.
ألا ترى أستاذي الكريم أن موضوعك هذا كان من المفترض أن يكون قبل اليوم ليكون أحد مراجع رسالة تخرجنا؟
على كل حال عيد مبارك وسعيد وكل عام وأنت وأهلك والمسلمين كافة بألف خير وعافية، أو كما قال أهل المشرق العربي:" عساك من عواده. آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن.
ألا ترى أستاذي الكريم أن موضوعك هذا كان من المفترض أن يكون قبل اليوم ليكون أحد مراجع رسالة تخرجنا؟
على كل حال عيد مبارك وسعيد وكل عام وأنت وأهلك والمسلمين كافة بألف خير وعافية، أو كما قال أهل المشرق العربي:" عساك من عواده. آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن.
حمداوي عبد الرحمان بن قاس- عضو فعال
- عدد المساهمات : 123
نقاط : 5310
تاريخ التسجيل : 02/11/2010
العمر : 55
الموقع : تمنراست-الأهقار
مواضيع مماثلة
» ملتقى وطني حول قراءة النص القرآني في ضوء المذاهب النقدية المعاصرة
» 1. من النص الورقي إلى النص الرقمي
» الإعجاز القرآني في الجلد ....سبحان الله!!!
» ماجستير في التخصصات الأدبية
» ماجستير في تخصصات علم الاجتماع
» 1. من النص الورقي إلى النص الرقمي
» الإعجاز القرآني في الجلد ....سبحان الله!!!
» ماجستير في التخصصات الأدبية
» ماجستير في تخصصات علم الاجتماع
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء 20 ديسمبر 2023, 10:55 من طرف مدير المنتدى
» العدد الثالث من مجلة " آفاق علمية "
الأحد 01 أغسطس 2021, 10:21 من طرف Houcine22
» الشاعر منتميا وملتزما
الأحد 14 أكتوبر 2018, 20:12 من طرف مدير المنتدى
» العرب وكرة القدم
الإثنين 02 يوليو 2018, 20:10 من طرف مدير المنتدى
» الخامس من يوليو (جويلية) مجددا
الإثنين 02 يوليو 2018, 19:42 من طرف مدير المنتدى
» أهلا بشهر التوبة والغفران
الأربعاء 07 يونيو 2017, 11:21 من طرف أسير القافية
» لو عثرت بغلة في العراق ...
الجمعة 03 مارس 2017, 20:17 من طرف أسير القافية
» مسابقة الدخول إلى مدرسة الدكتوراه بتامنغست
الخميس 06 أكتوبر 2016, 16:21 من طرف أسير القافية
» وما بكم من نعمة فمن الله
الخميس 06 أكتوبر 2016, 15:58 من طرف أسير القافية